كانت السلطانة راضية ابنة السلطان شمس الدين إلتتمش وهو من أشهر حكام دلهي وأفضلهم ، والذي كان أحد المماليك الأتراك قبل أن يصبح سلطان ، وقد اشتهر بأنه أول من أنشأ ما يعرف باسم قصر العدل ، وهو عبارة عن مجلس يترأسه السلطان بنفسه ومعه مجموعة من مساعديه ، وكان على كل صاحب مظلمة أن يرتدي ملابس ملونة وعندما يراه السلطان يعلم أنه صاحب مظلمة فينصره ، كما اشتهر بأنه قام بتعليق جرس عند شباكه ليذهب إليه أصحاب المظالم فيهزوه فيخرج إليهم السلطان ليقضي حاجتهم .أما
راضية فقد أنجبها السلطان ألتتمش بعد أن أنجب عدد من البنين ولذلك فرح بها كثيرًا
وأقام احتفالات كبيرة في البلاد ، وقد أشرف بنفسه على تعليمها وتدريبها على القتال
حتى أصبحت بارعة بشكل كبير قبل أن تتجاوز الخامسة عشر من عمرها حتى أنه قد اصطحبها
معه في بعض المعارك والحملات العسكرية .كما أنها
قد حفظت القرآن ودرست الفقه وكانت تحب إقامة العدل بين الناس مثل والدها ، وقد حكم
السلطان ألتتمش حوالي ستة وعشرون عامًا وخلال تلك الفترة قام بإصلاحات كبيرة في
إمارة دلهي ، وعندما ذهب لحصار حصن كوالير عين راضية كنائبة له على إمارة دلهي
لأنه كان يراها أفضل وأقدر من إخوتها الرجال على إدارة شئون البلاد ، وقد صدق
توقعه ، لأنها أحسنت إدارة الدولة بشكل كبير في غياب والدها .ولذلك
قرر ألتتمش أن يعين راضية كولية لعهده ، ولكن النبلاء والأمراء امتعضوا وأعلنوا
رفضهم لتولية امرأة عليهم ، ولكن ألتتمش لم يتراجع عن قراره ، لأن كان يعرف أن ابنه
الأكبر ركن الدين فيروز شاه منغمس في الشهوات وغير مؤهل للحكم .وبعد
وفاة ألتتمش قرر النبلاء والأمراء تولية ركن الدين فيروز شاه ولكنه ازداد في مجونه
، كما أن والدته كانت سيدة متسلطة وتتدخل كثيرًا في شئون الحكم ، وقد قامت بقتل
أخو الملك الصغير قطب الدين بطريقة وحشية حتى لا ينافسه على الحكم ، وقررت قتل
راضية ، فقامت راضية في أحد الأيام بارتداء الملابس الملونة ووقفت في السوق وخطبت
في الناس أن أخاها الملك قد قتل أخيه وأنه ينوي قتلها وطلبت حمايتهم .فما كان
من الجماهير التي كانت تكره ركن الدين إلا أن توجهوا إلى قصر الحكم وقبضوا على
السلطان وجلبوه إلى السوق حيث توجد راضية ، فقالت لهم إن القاتل يقتل ، فقتلوا
السلطان ، وكان لراضية أخوين آخرين هما معز الدين وناصر الدين ولكنهما كانا أطفال
، فاتفق الناس على أن تصبح راضية هي الإمبراطورة الجديدة .ولكن
النبلاء الأتراك شعروا بغضب شديد من تولية راضية ففرضوا حصارًا على المملكة ، ولأن
راضية كانت تلقى دعم شعبي كبير ، فقد استطاعت أن تسيطر على معظم هؤلاء الأمراء ، كما
أنها استطاعت أن تهزم الوزير محمد جنيدي في أحد المعارك ، وبعد ذلك انضم معظم النبلاء
لصفها .ولكنهم
في الواقع قد تظاهروا بالانصياع لأوامرها ، وفي نفس الوقت أطلقوا مجموعة من الشائعات عن علاقتها بعبدها ياقوت ، ولقطع
الطريق أمام الشائعات تزوجت من أحد الأمراء ، وقد وجدها بكرًا ومع ذلك قرر الأمراء
الانقلاب عليها وقتلها ، وقاموا أولًا بقتل عبدها ياقوت حتى لا يساعدها ، وبالرغم
من أنها هربت من الأمراء ، إلا أن أحد الفلاحين قام بقتلها طمعًا في جواهرها وملابسها
وكان ذلك في عام 1240م ، وقد تم اعتبار فترة
حكمها التي استمرت أربع سنوات فقط من أفضل الفترات وأكثرها ازدهارًا في تاريخ دلهي
.