لاشك أن
التاريخ الإسلامي مليء بسير أعلام التابعين الذين نبغوا في مجال الفقه والتفسير
والفتوة والقضاء ، ومن بين هؤلاء الإمام الحسن بن أحمد الإصطخري ، وهو من أهم من
عملوا بالقضاء في الإسلام وقد وصف بأنه شيخ الشافعية كما اشتهر بزهده واشتهر أيضًا بأنه أفتى بقتل الصابئة
لأنهم يعبدون الكواكب ، وله مؤلفات تعد من أهم المراجع في القضاء منها كتاب أدب
القضاء وكتاب الشروط والمحاضر والسجلات ، فرحم الله شيخ الإسلام الإصطخري .نسبه :هو الإمام الشيخ الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى بن الفضل بن يسار الإصطخري وكنيته أبو سعيد ، وقد ولد الإمام في بغداد عام 244للهجرة ، وقد اجتهد فيطلب العلم منذ صغره على يد كبار علماء عصره ، ومن بين العلماء الذي تتلمذ على يديهم الشيخ سعدان بن نصر وأحمد بن منصور الرمادي وحفص بن عمرو الربالي ، وحنبل بن إسحاق وغيرهم .أهم أعماله :وقد تدرج الشيخ في عدد من المناصب الهامة في الدولة ، ومن بين المناصب التي تولاها هي منصب محتسب بغداد ، والمحتسب هو الذي يتولى أمور الحسبة ، وهي من مهام القاضي في الإسلام لأن المحتسب هو المختص بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكان المحتسب في الدولة الإسلامية هو جهة الرقابة على النظام الاجتماعي والسياسي في الدولة .كما تولى
الشيخ الجليل أيضًا منصب قاضي قم وهي إحدى مدن بلاد فارس ، ويقال أنه عندما تولى
حسبة بغداد كان يتجول في المدينة كل يوم ببغلته ، وقد أمر بإحراق جميع الملاهي
الموجودة في بغداد ، وأيضًا تولى الشيخ منصب قاضي سجستان وهي مدينة تقع في شرق
إيران ويوجد جزء منها في أفغانستان الحالية ، وعندما تولى القضاء هناك وجد أنهم لا
يتمون عقود النكاح على الشريعة الإسلامية ، حيث تمت جميع زيجاتهم تمت بدون وجود
ولي للعروس ، فأفتى القاضي الإصطخري ببطلان جميع عقود الزواج التي تمت بدون ولي .ومن أشهر
فتاوى الشيخ الإصطخري ، عندما استفتاه الخليفة العباسي القاهر بالله أبو منصور محمد بن المعتضد
بالله في أمر الصابئة ، وهم جماعة من الناس عاشوا في بلاد الرافدين وإيران وهم
كانوا يدعون أنهم يتبعون دين نبي الله الخليل إبراهيم عليه السلام ولكنهم كانوا
يعبدون الكواكب ، فأفتى شيخ الإسلام الإصطخري بوجوب قتلهم ، ولكن الخليفة تراجع عن
الأخذ بتلك الفتوى .ومن أشهر صفات الشيخ القاضي أبو الحسن الإصطخري أنه كان زاهدًا في الدنيا وحتى أن قميصه وعمامته وسراويله كانت جميعها من قطعة قماش واحدة .مؤلفاته :وقد ترك الشيخ الإصطخري عدد من المؤلفات الهامة مثل كتاب الأقضية ، والذي قال عنه ابن الجوزي أن هذا الكتاب لم يصنف مثله في القضاء ، كما ترك أيضًا كتاب الشروط والوثائق والسجلات ، وأيضًا كتاب أدب القضاء ، وقد تتلمذ على يد الشيخ الجليل عدد كبير من الأئمة والعلماء منهم أبو إسحاق المرزي وابن شاهين ومحمد بن المظفر وغيرهم .وفاته : توفي الشيخ الإصطخري في بغداد في شهر جمادي الآخرة عام 328 للهجرة بعد أن تجاوز الثمانين من عمره .