تمكنت الإمبراطورية العثمانية من توسيع حدودها حتى توغلت داخل القارة الأوروبية ، وهو ما أزعج ملوك أوروبا بشدة ، حيث أنهم قد وصلوا حدود دولة الصرب وألبانيا والبلغار ، كما أحاطوا بالقسطنطينية من كل اتجاه ، مما جعل ملوك أوروبا يرسلون إلى البابا كي يستنجدونه فقام بدعوتهم لإقامة حروب صليبية جديدة ، ومن أبرز تلك المعارك التي اندلعت بين الصليبيين والعثمانيين معركة قوصوه .
أسباب المعركة : تُعرف معركة قوصوه أيضًا باسم معركة كوسوفو ، وقد نشبت خلال عام 1389م بين القوات العثمانية والقوات الصليبية المكونة من جيش صربيا وألبانيا بقيادة ملك الصرب “فوك برانكوفيتش” ، والسبب الرئيسي لاندلاع المعركة كان نتيجة لمواصلة مراد بن أورخان جهود أبيه في الفتوحات بعد أن تولى الحكم .
قام مراد بفتح مدينة أدرنة ثم نقل العاصمة إليها بعد أن كانت في بورصة ، واتجه فيما بعد لفتح أراضي الدولة البيزنطية الموجودة في البلقان ، وقد تمكن من محاصرة القسطنطينية بشكل تام من خلال توسعات الدولة العثمانية ، حتى أصبحت الأراضي العثمانية متاخمة لألبانيا والبلغار والصرب ، وهو ما أدي إلي انزعاج ملوك أوروبا .
قام ملوك أوروبا بعد شعورهم بالقلق بإرسال أمراء تلك المناطق ليستنجدوا بملوك أوروبا الغربية والبابا ، فقام البابا بدعوتهم لقيام حروب صليبية جديدة ضد القوات العثمانية كي يوقفوا زحفهم وتقدمهم في الحدود الأوروبية .
تحركات الجيوش : قام ملك الصرب بمهاجمة أدرنة بقواته ، وكان مراد في ذلك الوقت غائبًا عنها ، وحينما وصلته أنباء هجوم ملك الصرب ؛ عاد على الفور وقام بمحاربة جيش الصرب حتى ألحق بهم الهزيمة ، مما جعل ملك الصرب الجديد يقوم بالتحالف مع أمير بلغاريا من أجل محاربة الجيش العثماني .
وحينما اندلعت الحرب فرّ أمير بلغاريا هاربًا ، وهكذا استمرت المناوشات بين القوات الأوروبية والعثمانية فترة من الزمن ، حتى تم عقد صلح بين الصرب وبلغاريا مع الدولة العثمانية ، وكان ذلك مقابل حماية سنوية يدفعونها لهم ، غير أن الصرب نقضت عهدها وتحالفت مع ألبانيا ضد الدولة العثمانية ، حتى التقى الطرفان في قوصوه لتندلع معركة قوصوه .
أحداث المعركة : اندلعت المعركة بعنف شديد حتى تطايرت الرؤوس ، لم يستطع صهر ملك الصرب “لازار” والذي يُدعى “فوك برانكوفيتش” البقاء في ساحة المعركة ، حيث فرّ هاربًا ومعه عشرة آلاف فارس ، حتى دارت الدائرة على القوات الصربية ، وقد جُرح لازار وتم أسره حتى قام العثمانيون بقتله ، وانتهت تلك المعركة بانتصار الجيش العثماني .
استشهاد مراد : بينما كان الأمير مراد يتفقد ساحة القتال ، قام جندي صربي من بين الجرحى على الأرض بتسديد طعنة إليه فجأة بخنجر كان معه ، فسقط مراد قتيلًا على الفور ، وقد اُستشهد الأمير مراد بساحة القتال عن عمر يناهز 65 عامًا ، وقد تم استخراج أحشائه ودُفنت في سهل قوصوه حتى لا يصاب جسده بالعفن أثناء رحلة العودة إلى بورصة ليتم دفنه بجوار والده وجده .
لعنة كوسوفو : كان القيصر لازار قد أعلن غضبه على كل من لم يخرج لقتال العثمانيين في معركة كوسوفو ، حيث أنه صبّ لعنته عليهم في قوله :”من كان صربيًا أو صربي المولد ، أو صربي الدم والمحتد ، لا يأتي إلى معركة كوسوفو ، عسى ألا يرى خلفًا يشتاق قلبه إليه ، لا من البنين ولا من البنات! ، وعسى ألا ينمو ما تذروه يداه ، لا نبيذ داكن ولا خبز أبيض! ، ملعون هو في كل الأزمان إلى كل الأزمان .