وقعت معركة قديد عام 130 هجريًا بين أهل المدينة والخوارج ، وكانت النهاية لصالح الخوارج الذين انتصروا بقيادة المختار بن عوف الأزدي والمعروف بلقب أبي حمزة الخارجي.
المعركة وما قبلها : كان الإمام عبدالله بن يحيي الكندي وهو من حضرموت عالمًا مجتهدًا ، فقام بمكاتبة جماعة من الأباضية وهي أحد المذاهب الإسلامية من أجل مشاورتهم في الخروج ، فقام الكثيرون بمبايعته ، فاستخلف عبدالله بن سعيد الحضرمي على حضرموت ، بينما ذهب هو إلى صنعاء .
توجه الكندي إلى صنعاء ومعه ألفين من الرجال ، وقد وقعت بعض المناوشات بين قوات الكندي والقاسم بن عمر الثقفي حيث انتصر الكندي وتمكن من دخول صنعاء ، كما تمكن من الاستيلاء على بلاد اليمن ، ودامت إقامته في صنعاء لمدة أشهر وهو حسن السيرة بين الناس .
وحينما جاء وقت الحج قام بتوجيه بعض الرجال إلى مكة ، وقد توجه أبو حمزة المختار بن عوف إلى مكة يوم التروية ثم عليها وعلى المدينة ، وحينما قابله عبدالواحد بن سليمان بن عبدالملك كره أن يدخل معه في قتال .
قام عبدالواحد بإرسال مجموعة من الرجال إلى أبي حمزة ، وحينما دخلوا عليه وجدوه جالسًا وعليه أزار قطري ، ثم عبس في وجه الرجلين اللذين أقبلا باتجاهه وهما عبدالله بن الحسن العلوي ومحمد بن عبدالله العثماني .
بينما تبسم في وجه الرجلين الأخرين وهما عبدالرحمن بن عبدالقاسم بن أبي بكر وعبيدالله بن عمر بن حفص العمري ، ثم قال لهما :”والله ما خرجنا إلا لنسير سيرة أبويكما” ، حينها قال عبدالله بن الحسن :” والله ما جئناك لنفاخر بين آبائنا ، ولكن الأمير بعثنا إليك برسالة”.
كان الأمير يخشى نقض العهد ، فقال أبو حمزة :”معاذ الله ؛ والله لا أفعل ، ولكن إلى أن تنقضي الهدنة بيننا وبينكم” ، فخرج الرجال من عنده ودخل أبو حمزة مكة دون قتال ، ثم توجه عبد الواحد إلى المدينة ، وقد خرج جمع من الناس إلى وادي قديد ، حيث نزل بالوادي قوم معظمهم من التجار وهم ليسوا أصحاب حرب ، حيث لم يظنوا أن للخوارج شوكة .
حينما بلغ أبا حمزة الأنباء بإقبال أهل المدينة ، قام باستخلاف أبرهة بن الصباح على مكة ، واجتمع بأصحابه قائلًا :”إنكم ملاقوا غدًا أهل المدينة” ، ثم قام بإرسال بلخ بن عقبة إليهم مع جماعة من رجاله قائلًا :”خلوا سبيلنا إلى الشام لنسير إلى من ظلمكم وجار في الحكم عليكم ولا تجعلوا أحدنا بكم ؛ فإنا لا نريد قتالكم”.
غضب أهل المدينة قائلين :”يا أعداء الله نحن نخليكم ونترككم تفسدون في الأرض” ، فردّ عليهم الخوارج عليهم قائلين :”يا أعداء الله نحن لا نفسد في الأرض ، وإنما خرجنا لنكف الفساد ونقاتل من قاتلنا منكم ” ، وطلبوا منهم الرجوع إلى أصحابهم لأنه ليس بينهم إلا السيف .
وحينما علم أبو حمزة ما حدث ؛ قال :” كفوا عنهم ولا تقاتلوهم حتى يبدؤوكم بالقتال” ، فقبلوا ولم يبادروا بالقتال فقام رجل من أهل المدينة بإلقاء سهم تجاه عسكر أبي حمزة ، فانجرح رجلًا منهم ، فأمر أبو حمزة بالقتال .
تمكن أبو حمزة من هزيمة أهل المدينة في معركة قديد خلال عام 130 هجريًا ، وأسر منهم جماعة وكان كلما رأى رجلًا من قريش قام بقتله أما إذا رأى رجلًا من الأنصار فكان يطلق سراحه ، وذلك لأن أكثر الجيش كانوا من قريش ، كما أن الشوكة كانت بهم .