كانت معركة بروزة وتُعرف أيضًا باسم بريفيزا واحدة من أهم المعارك التي حسمها العثمانيون لصالحهم ، حيث وقعت تلك المعركة بين القوات العثمانية وتحالف الرابطة المقدسة الصليبي والمنظم من قِبل البابا بولس الثالث ، وقد حدثت بالقرب من ميناء بريفيزا الواقع غرب اليونان خلال عام 1538م .
استجابت أوروبا لنداء البابا في روما من أجل خوض المعركة ضد العثمانيين ، وقد تكوّن أسطول الحملة الصليبية من أكثر من 600 قطعة بحرية كان من بينها 302 سفينة حربية ضخمة حاملة على متنها ما يقرب من ستين ألف جندي قادمين من إسبانيا والبندقية والنمسا .
وكان قائد هذا الأسطول البحري هو “أندريا دوريا” المعروف أنه واحدًا من أعظم قادة البحر ، وقد عُرف هذا الجيش باسم فرسان القديس يوحنا ، بينما تكوّن الجيش العثماني من 122 سفينة كانت تحمل على متنها عشرين ألف جندي ، وكان يقودهم “خير الدين بربروسا” وهو من أعظم قادة البحر من المسلمين .
أحداث المعركة : التقى الطرفان عند بروزة وقد قام خير الدين بربروسا باستخدام عنصر المفاجأة ، حيث قام بالهجوم على خصمه قبل أن يستعد لخوض القتال ، اشتهر بربروسا بوضعه للخطط الحربية المميزة وهو ما حدث بالضبط في تلك المعركة ، مما أدى إلى ارتباك قوي داخل صفوف العدو .
اشتعلت المعركة بقوة واحترقت السفن وبدا دخان المدافع وكأنه يخترق عنان السماء ، وقد قام بربروسا بوضع أسطوله على شكل هلال ، ووضع القائد المجاهد صالح رئيس على رأس جناحه الأيمن ، كما اختار سيدي علي رئيس ليكون على رأس الجناح الأيسر ، ثم قام بقيادة الجناح الأيسر بنفسه .
أسند بربروسا قيادة الأسطول احتياطيًا إلى القائد المجاهد طورغود كما أمره أن يبقى في الخعلى من أجل تأمين جيشه ، ثم استخدم عنصر المباغتة ، فكانت المفاجأة قاسية على الطرف الثاني الذي لم يكن قد استعد للقتال ، وهو ما أدى إلى تفرقة السفن الخاصة بأسطول الصليبيين من هول الصدمة .
لم يستطع الصليبيون الصمود أمام قوة العثمانيين في تلك المعركة ، مما أدى إلى هروب القائد الأوروبي الذي ترك ساحة المعركة التي لم تدم لأكثر من خمس ساعات نتيجة لاهتزاز أسطول الصليبيين ، حتى أصبح النصر حليفًا للعثمانيين.
نتائج المعركة : انتصر العثمانيون في تلك المعركة مما أثار الفزع داخل أوروبا ، بينما استعادت البحرية العثمانية مكانتها وهيبتها داخل البحر المتوسط ، وقد استقبل السلطان سليمان القانوني نبأ الانتصار بفرحة شديدة غمرت أرجاء الدولة العثمانية ، وقد أمر بأن تقام الاحتفالات في جميع أنحاء الدولة العثمانية .
آخر معركة لبربروسا : كانت معركة بروزة هي آخر حملة قادها خير الدين بربروسا ، حيث أن حياته لم تطُل بعد أن عاد إلى إسطنبول ، وقد وافته المنية خلال عام 1546م عن عمر يناهز 65 عامًا ، حيث توفي داخل قصره الذي كان يطل على مضيق البوسفور في الآستانة بعد تاريخ حافل بالأمجاد والبطولات التي قهرت القوى الصليبية الغازية .
وهكذا ترك بربروسا تاريخًا قويًا يقص العديد من الفتوحات والمعارك التي كان من بينها معركة بروزة ، حيث تمكن من خلالها أن يكبح جماح القوى الأوروبية التي كانت تظن أنها فقط التي تستطيع أن تحقق الانتصار .