يُعد فتح خراسان محورًا رئيسيًا في الصراع الإسلامي الفارسي ، من واقع أمرين مهمين الأول : هو أن يزدجرد تمركز في مرو بخراسان ، بعد فراره من أمام زحف المسلمين ، وسوف يخرجه هذا القرار من أرض فارس إلى بلاد الأتراك والصين ، فيقيم في حماية حاكميهما ، ومرو هما مروان ، مرو الروذ ومرو الشاهجان وبينهما مسيرة خمسة أيام ، الأولى صغيرة ، والثانية كبيرة وهي قصة خراسان .
أما الأمر الثاني : أن سقوط خراسان بيد المسلمين ، من شأنه أن يقضي على : آخر أمل لدى الفرس لطرد المسلمين من المناطق الشرقية المفتوحة ، وآخر ملوك بني ساسان ، فتسقط بذلك الاسرة الحاكمة .
تجهيز الجيش والخروج لفتح خراسان : عقد عمر بن الخطاب للأحنف بن قيس لواء قيادة الجيش ، فخرج من البصرة وسلك طريق أصفهان ، وتزامن اجتيازه لها ، مع حصار عبدالله بن عبدالله بن عتبان لمدينة جيّ ، وهذا يعني أن خرجت من قاعدة البصرة في عام (21هـ – 642م
غير أنها أتمت مهمتها في عام
22هـ – 643م
، ثم وصل الأحنف إلى الطبسين وتوغل ، حتى يعد سقوط هراة ، خطوة أولى على طريق سقوط خراسان كلها .
توغل جيش المسلمين وفرار يزدجرد : فأرسل الأحنف فرقة عسكرية بقيادة مطرف بن عبدالله بن الشخير ، لفتح نيسابور ، وفرقة اخرى لفتح سرخس بقيادة الحارث بن حسان السدوسي ، وسار بنفسه باتجاه مرو الشاهجان ، حيث يقيم يزدجردلله ، فلما اقترب منها غادرها الملك الفارسي إلى مرو الروذ ، واستقر الأحنف مكانه في مرو الشاهجان .
والواضح أن المسلمين جردوا يزدجرد من كل أرضه ، واضطروه إلى الفرار حتى آخر حدود مملكته ، ولم يبق أمامه سوى الالتجاء إلى جيرانه وطلب مساعدتهم وفعلاً ، فقد كتب إلى ثلاثة ملوك يستمدهم ويستنجد بهم وهم خاقات الترك ، وملك الصغد وملك الصين .
هجوم الأحنف والحصر وفتح المدينة : لكن الأحنف لم يمهله ، وهاجمه في مرو الروذ بعد أن تلقى إمدادات من الكوفة ، ومرة أخرى يفر يزدجرد إلى بلخ ، ودخل الأحنف مرو الروذ ، وأرسل وحدات عسكرية في إثره ، ثم لحق بها ، فحاصر المدينة وفتحها .
يزدجرد ومتابعة الفرار من جيش المسلمين : كان طبيعيًا أن يتابع يزدجرد فراره أمام المسلمين ، ولما لم يكن له في أرض مملكته مكان يفر إليه ويحتمي به ، عبر نهر جيحون إلى خاقان الترك الذي توافقت مصلحته مع مصلحة العاهل الفارسي ، وقد خشي من الامتداد الإسلامي باتجاه بلاده.
فتح خراسان : وتعاون الرجلان في مقاومة فاشلة ، حيث جندا جيشا وهاجما المسلمين في خراسان ، وانتهى الأمر بانسحاب خاقان الترك إلى بلاده ، مقتنعًا بما تناهى إلى أسماعه من أن المسلمين لن يعبروا النهر ، بناء على تعليمات عمربن الخطاب .
موت يزدجرد والقضاء على الإمبراطورية الفارسية : أما يزدجرد فقد نزل ضيفًا على حاكم مرو ، ماهويه ، الذي لم يكن يتمنى غير التخلص من ضيفه الذي رفض أن يزوجه ابنته ، وتحالف مع نيزك طرخان التابع لبيغو حاكم طخارستان ، فأرسل نيزك جماعة لأسره ، فاشتبكوا معه وهزموه ، فمضى هاربًا حتى انتهى إلى بيت طحان على شاطئ نهر المرغاب ، فمكث ليلتين وماهويه يبحث عنه .
فلما أصبح اليوم الثاني دخل الطحان إلى بيته ، فرأى يزدجرد بهيئته الملكية وهو لا يعرفه ، فبهت وطمع به ، فقتله بعد أن وشى به إلى ماهويه ، وطرح جثته في النهر ، وذلك في عام
31هـ – 652م
ولما يبلغ الثامنة والعشرين من عمره .
وقد خلف ابنين هما بهرام وفيروز ، وثلاث بنات هن أورج وشهربانو و مرداوند ، وبفرار يزدجرد إلى ملك الترك ، ومقتله تم القضاء على الإمبراطورية الفارسية .