كانت بلاد إيران تعيش حالة حروب وصراع جماعات متناحرة ، مثل الكرت والهيرات وآل مظفر وغيرهم ، مما شجع تيمورلنك على غزوها والحصول عليها بين أملاكه .
احتلال إيران الشرقية : كانت الغزو الأولى لخراسان في عام 1381م ، حينما زحف تيمورلنك على هراة أو هيرات ، والتي كان يحكمها غياث الدين الثاني ابن معز الدين حسين ، صاحب مملكة كرت ، واحتل قلعة بوشنج الواقعة في الشمال الشرقي ، ثم سقطت بيده هراة عام 1381م ، فاستولى على مملكة كرت .
ثم تقدم تيمورلنك إلى خراسان الغربية ، فخضعت له مدينة كلان أو كالات –ناديري الحالية ، وانتقل منها إلى طوس التي أعلن حاكمها الدخول في طاعة تيمورلنك ، واندفع تيمورلنك إلى مدينة إسفرايين فاحتلها ، ثم عاد إلى سمرقند وترك ابنه ميرانشاه في سرخس ، من أجل أن يراقب الوضع في خراسان ، استعدادًا لجولة ثانية .
وكانت الغزو الثانية لخراسان في عام 1382م ، حيث اتجه تيمورلنك إلى كلات وأخضعها ، ثم تحرك بعدها جنوبًا صوب قلعة ترشيز واقتحمها ، واتجه بعد ذلك شمالاً ليعود إلى ما وراء النهر ، فعبر نهر وادي ترك .
وبحلول عام 1383م كانت الغزوة الثالثة لخراسان ، حيث عاد تيمورلنك إلى خراسان للمرة الثالثة ، واجتاز نهر جيحون بالقرب من ترمذ ، ثم تقدم إلى ضفاف نهر مرغب ، ووجه أحد قواده إلى أطراف مازندران ، وتحول هو إلى سبزوار عاصمة إمارة السربداريين ، وذلك عن طريق هراة أو هيرات واحتلها ، ثم تقدم جنوبًا إلى بلاد سجستان .
وجرت معركة كبيرة حول زرنج ، وهي عاصمة تلك البلاد فيما عرف باسم معركة زرنج ، وذلك في عام 1384م ، واجتاح قواد تيمورلنك الحصون المنتشرة هنا وهناك ، حتى بلغوا حدود جبل سليمان في أقصى الجنوب ، وتمت السيطرة على منطقتي سجستان وزابلستان بكاملهما ، ثم قفل تيمور عائدًا إلى سمرقند .
ثم كانت الغزوة الرابعة لخراسان عام 1384م ، وكان الهدف الرئيس لعبور تيمورلنك لنهر جيحون ، هو القضاء على حاكم مازنداران ، فتقدم إلى نهر مرغب عن طريق بلخ ، ثم تابع تقدمه إلى سرخس وباورد أبيورد ، ثم عاد غربًا إلى نسا ، واشتبك مع قوات شاه ولي ، صاحب مازنداران عند حصن دورون ، بين مدينتي عشق –أباد وقزيل- أرقات الحاليتين وتقعان شرق خراسان ، وانتهى الأمر بانتصار تيمورلنك الذي تابع ملاحقة شاه ولي ، حتى عبر نهر جرجان الذي يصب شرقي بحر الخزر .
وحل بموقع شاسمان قريبًا من النهر ، ودارت هناك معركة ثانية أسفرت عن انتصار تيمورلنك ، وتراجع شاه ولي إلى دامغان ، فاحتل تيمورلنك عاصمته أستراباد ، ثم دخل مدينة الري ، وتوجه بعدها إلى السلطانية ، إحدى عواصم الإيلخانية ، ومنها انتقل إلى تبريز ، وبإسقاطه حكم شاه ولي في مازنداران ، أحكم تيمورلنك سيطرته على إيران الشرقية ، ووصلت فتوحاته إلى حدود إيران الغربية الخاضعة آنذاك لنفوذ الجلايرين والمظفرين .
احتلال إيران الغربية : بدأ تيمورلنك بغزو إيران الغربية عام 1386م ، منطلقًا من زنجير سراي وعبر جيحون ، وسار على طريق في شمالي خراسان مارًا بمدينتي فيروز كوه – وساري ، فأعلن حاكمهما الخضوع لتيمورلنك ، واحتاح لورستان واتجه شمالاً إلى أذربيجان واحتل تبريز ، بعد أن غادرها صاحبها أحمد الجلايري إلى بغداد .
ولم يبق في إيران الغربية خارجًا عن سلطة تيمورلنك ، سوى آل المظفر الذين كانوا يحكمون فارس وأصفهان وكرمان ، فسارع الأمير المظفري شاه شجاع ، عام 1382م إلى إعلان الولاء لتيمورلنك لتجنيب بلاده الخراب والدمار .
وفي عام 1387م ، زحف تيمورلنك من جيلان إلى همذان وتقدم من أصفهان ، وأحدث فيها مجزرة رهيبة ، توجه بعدها إلى شيراز واستولى عليها ، ثم عاد إلى سمرقند لدفع الهجوم الذي قام به خان القبجاق في ما وراء النهر .
عاد تيمورلنك إلى فارس في بداية عام 1392م ، وخاض حربًا دامت خمس سنوات ، غزا خلالها مازنداران ، واستولى على آمل وساري ومشهد حصار ، وبعد أن قضى فصل الشتاء في مازنداران ، سار إلى لورستان واستولى على لور ، ثم عبر دزفول وشوستر وأخضع المظفرين الثائرين .
وفي عام 1393م اتجه تيمور من شوستر إلى شيراز ، فاستولى على قلعة سفيد المنيعة ، وبعد معركة طاحنة في ضواحي شيراز ، أبدى فيها المظفريون بسالة نادرة ، استولى تيمورلنك على شيراز وانتقل منها إلى أصفهان وهمذان ، وأخذ يجهز جيشه للاستيلاء على العراق .