في أحد الأيام خرج الملك مع وزيره يتنزهان على شاطئ البحر، فوجدا في طريقهما صیاد مرقع الثياب، يرمي شباك الصيد في مياه البحر، ويغني فرحاً مسروراً غير مكترث بهموم الدنيا فاقترب منه الملك ووزيره وألقيا عليه التحية فرد عليهما بأحسن منها
قال الملك للصياد: كيف حالك أيها الصياد؟ قال الصياد، الحمد لله يا مولاي الملك حفظك الله، حالي كما تراني، أرمي شباكي، وأصيد السمك، وأعود إلى عيالي مطمأن بالي، فأنا ملك مثلك تماماً ..
فتعجب الملك من قول الصياد قائلاً له – لا ينبغي أن يكون في مملكتي ملك غيري، فأنا ملك البلاد ولا ملك ينازعني ملكي كاد الوزير يفتك بالصياد لولا أن الملك أشار له بالتوقف..
فرد الصياد بحكمة – أنا وعظمتك يا مولاي الملك متساويان، أنت ملك على عرش مملكتك، وأنا ملك البحر والصيد على عرش شباكي .
أراد الملك أن يختبر الصياد فقال له : سأسألك سؤالان، فإن أجبتني عفوت عنك وإن لم تجبني سجنتك مدى الحياة،
قال الصياد : أنا رجل فقير ولدي أولاد وأنا عائلهم الوحيد. ثم نظر الصياد إلى الوزير قائلاً للملك – هل يفتي ومالك في المدينة وزيرك يا مولاي الملك هو أجدر بالاجابة عن السؤالين مني .
شعر الوزير بالشرك الذي وضعه فيه الصياد ولكن رفض الملك وأصر على سؤال الصياد وقال له
– أيها الصياد قل لي كم عدد نجوم السماء؟ وما عمل ربك الآن؟ فرد الصياد قائلاً للملك لا أجيبك حتى تعطيني الأمان يا مولاي الملك. فقال الملك، لقد أعطيتك الأمان..
قال الصياد للملك – يا مولاي الملك بالنسبة لإجابة السؤال الأول، احلق شعر وزيرك، وضعه على الطاولة وعده شعره تلو شعرة، حينئذ تعرف كم عدد نجوم السماء .
أما السؤال الثاني، فلا أجيبك حتى ينزل وزيرك عن حصانه الذي يمتطيه، ثم يخلع ملابسه ويلبس ملابسي، خلع الوزير ملابسه، ولبس ملابس الصياد، ثم ركب الصياد على حصان الوزير قائلاً ، يا مولاي الملك إن عمل ربي الآن أن يغير ويبدل في ثوان ويعز من يشاء ويذل من يشاء وبيده مقاليد كل شيء.
وفجأة حلق طير فوق رؤوسهم يقول كاك.. كاك.. كاك. فقال الملك لوزيره ماذا يقول الطير أبها الوزير ؟ فرد الوزير بلا مبالاة، لا أعلم ثم التفت الملك للصياد قائلاً له: ماذا يقول الطير أيها الصياد؟ قال الصياد – لقد قال الطير كاك ثلاث مرات. كاك الأولى، معناها ، سبحان من لا يعرف سر المخلوق إلا هو وكاك الثانية معناها ، فسبحان من لا يعلم العلوم الا هو وأما مالك الثالثة معناها ، سبحان من لا يملك الأرزاق والأعمار الا هو قال الملك للصياد بإعجاب وبحزم – مكانك على ظهر الجواد أيها الصياد لا تنزل ، وأنت أيها الوزير مكانك على شاطئ البحر ولا تعلم فكم أفتخر بأن يكون في مملكتي مثل هذا الرجل في العقل والتفكير .