سعيد بن المسيب الذي لقب بعالم المدينة المنورة وسيد التابعين في الفترة التي عاشها، وأحد رواة لحديث الشريف، وفقيه من الفقهاء السبعة الذين عاشوا في المدينة المنورة، ولد العالم الجليل أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي سنة 15 للهجرة وأثناء خلافة الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، وينسب سعيد بن المسيب لقريش فهو من بني مخزوم، وكان جده وأبوه من المسلمين، ولقد حضر المسيب بيعة الشجرة والمعروفة بإسم بيعة الرضوان والتي حدثت في العام االسادس للهجرة، ولقد قتل حزن جد سعيد في معركة اليمامة، أما أم سعيد فهي أم سعيد بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السُّلَميّة. ولقد ترعرع سعيد في جنبات المدينة المنورة، وكان محبا للعلم والتعلم، فكان يستمع جيدا ويتعلم من زوجات النبي صل الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر وأم سلمة رضى الله عنهما، وكان ينصت جيدا لما يقوله عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وصهيب الرومي ومحمد بن مسلمة،زيد بن ثابت وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عباس وابن عمر، ولقد لازم أبوهريرة رضى الله عنه وناسبه حيث تزوج ابنته ، وروى الاحدايث التي سمعها من صهره أبوهريرة، ويذكر أيضا أنه لازم عمر بن الخطاب عندما كان صبيا حتى لقب رواية عمر فعرف وفهم أحكام عمر وأسبابها، وأعتمد عليه عبدالله بن عمر في أمور كثيرة . فكان سعيد من العلماء التي تلقت حوله الطلبة من كل البقاع، وعلى الرغم الواسع في ما يخص الأحدايث النبوية الشريفة أبى سعيد تفسير آيات القرآن وأحكامه، ويذكر أن أحب الشعر حبا شديدا ولكن دون أن يلقيه ولو مرة واحدة. وكان سعيد بن المسيب عالم جليل في كل ما يخص المسائل الفهية والشرعية والفتاوي الإسلامية، فلقد كان يقدم الفتوى في وجود صحابة رسول الله رضى الله عنهم، ولقد أصبح مفتي وفقيه جليل، حتى أن عمر بن عبدالعزيز كان لا يبت في أمر من الأمور إلا بعد أن يسأله، وأعتمد الناس على رأيه وعلمه الواسع في أمور كثيرة تخص الحديث الشريف والفقه، فقد كان سعيد بن المسيب مشهورا بإعتماده بشكل أساسي على القرآن الكريم وما جاء في السنة النبوية الشريفة. كان سعيد بن المسيب لا يخاف في الله لومة لائم، فكان لا يتنحى أبدا عن الحق وإتباعه ويقول الحق حتى على حساب حياته، حتى خاصم الأمويين لأنه وجد أنهم سيئوا السيرة والطبع، ورفض عطايهم له التي وصلت لما فوق 30 ألف، وكان يدعى لمجالسهم ولا يحضر فيها، حتى وصل الأمر أن سعيد بن المسيب كان يدعو على الأمويين في صلاته، فكره الأمويين لذلك، فأمروا الناس بمقاطعته وعدم الجلوس معه في المسجد، ولقد حاول الأمويين طلب ود سعيد بالتقدم بخطبة ابنته لأبن الخليفة وقتها عبدالملك بن مروان، لكن سعيد رفض وزوجها لكثير بن عبد المطلب بن أبي وداعة السهمي. ولقد تعرض سعيد بن المسيب لموقفين شديدين في حياته الأول تعرضه لضرب على يد جابر بن الأسود بن عوف الزهري وذلك عندما أن يبايع عبد الله بن الزبير حتى يتفق الناس على ذلك،ولقي ذلك 60 جلدة بالسوط حتى أمر عبد الله بن الزبير من جابر أن يتركه وشأنه،
والموقف الثاني، لما تولى توفي عبدالعزيز بن مروان، تولى عبد الملك بن مروان وطلب من الولاة أخذ مبياعة الناس له، لكن سعيدبن المسيب أبى ذلك فضربه والي المدينة المنورة حينها هشام بن إسماعيل المخزومي 60 جلدة بالسوط، بل ولف به المدينة المنورة بأسرها، وقام بسجنه، ولما علم عبدالملك بن مروان بالأمر افرج عن سعيد وأرسل له برسالة إعتذار عن ما حدث له من ظلم. توفي سعيد بن المسيب في عام 94للهجرة، في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، ولقد كانت وصية سعيد قبل وفاته أن لا يضربوا على قبره فسطاط، ولا يحمل في قطعة قطيفة حمراء اللون، ولا يمشوا وراء جثمانه بالنار، ولا يؤذوا أحداً بأسمه، ولقد ترك من الأبناء 7 وهم : محمد وسعيد وإلياس وأم عثمان وأم عمرو وفاختة ومريم ، وكانت أم هؤلاء الأولاد هي أم حبيب بنت أبي كريم بن عامر بن عبد ذي الشرى الدوسية، وكانت أم مريم هي أم ولد، وكانت زوجته الثالثة هي بنت معلمه الجليل أبي هريرة رضى الله عنه، وترك في بيته لما مات 100 دينار فقط. توفي سعيد بن المسيب الذي عرف أنه حريص على أداء الصلاة في جماعة طوال 40 سنة، وكان سعيد يتبعد بشكل مميز وخاص وكان يرى التعبد في التدبر في أمر الله والبعد عن المحرمات،وأداء الفروض، وكان يرى ضرورة توافر العزة في طاعة الله عزوجل مع عزة النفس، وكان زاهداً في الدنيا ويرى أن الدنيا لا داعي أن يميل لها فهي غدارة ويجب أن توضع عند حجمها.