قصة واقعية ، حدثت بالفعل ، وأخذ منها العبرة لكل معتبر ، قصة بكل مآسيها وبكل قسوتها ، وبكل العدالة الإلهية فيها ، وتروى القصة كالتالي ، في أيام الصيف ، وعلى ساحل البحر ، تحدث مآس وأحداث تعمل عملها المدمر ، في تخريب البيوت وفي انهيار الأخلاق والفضيلة
قبل خمس أعوام : قبل خمس أعوام ، ألحت عليه زوجته وطالبته بالذهاب إلى المصيف البحري ، تستنشق نسيمه العليل ، وتستحم في أمواهه وتصارع أمواجه ، وتخالط الغادين والرائحين عارية متهتكة متمتعة بحريتها الحمراء ، تقليدًا للغرباء دون رادع ! من أجل الشيطان : وكان مما هو معروف ومألوف
! تعرفت العائلة بعائلة أخرى ، وكان في العائلة شاب مفتول العضل ، جميل الطلعة ، طويل القامة ، ويملك سيارة فارهة ، ولا يملك رادعًا ولا دينًا ، وعرض الشاب خدماته وأريحيته من أجل الشيطان ، فكان وعد ولقاء ، وكان استحمام البحر ، وكان غزل بين الشاب والزوجة ، وكان الرجل الزوج في شغل شاغل عن زوجته ، وولدها الطفل في الشاطئ يستمتع بالمياه ، فكان لها موعد ولقاء حرام !
الغنم والذئب : كان الشاب يتطلع كل يوم لنقل العائلة ، الزوج والزوجة وطفلهما بسيارته صباحًا ومساء إلى البحر ، وكانوا يستحمون جميعًا في مكان واحد ، وكانت الزوجة لا تحسن السباحة ، فتطوع صاحبنا لتعليمها على السباحة ، وكان زوجها يبتعد عنهما ليلاقي ما يلاقي بعيدًا عن أنظار زوجه ، وكان ينشر شباكه متصيدًا أعراض الناس ، تاركًا عرضه لذلك الشاب كما يترك الراعي الغنم للذئب
خيانة : وابتدأ الأمر بين الزوجة والشاب إعجابًا بالأريحية ، ثم تطور الأمر إلى الإعجاب بالجسد ، ونام الحارس فرتع اللص ، فكان لابد للنار أن تشتعل فتحرق الإخلاص الزوجي وتحرق الطهر والعفاف ، وكانت الزوجة تحب زوجها ولا تطيق عنه صبرًا ، فأصبحت تكره لقاءه ، وتحسب الدقائق والساعات للقاء حبيبها الجديد
فبيت في نفسه أمرًا: وأراد الشاب أن يتخلص من الزوج نهائيًا ، فبيّت في نفسه أمرًا ! ، أظهر إخلاصه وتفانيه للزوج ، وأبدى إعجابه بمواهبه ورجولته ، وكانت الزوجة لا تنفك تطري شهامة الشاب ، وتحببه لزوجها ، فوثق به الزوج وسلمه مقاليد أمره كله
الغريق : وفي يوم من الأيام تمارضت الزوجة ، فعكفت في شقتها ومعها طفلها ، فاستأذن الزوج زوجته أن يصاحب صديقه الشاب ليستحم في البحر ، وعاد الشاب وحده بعد ساعتين ليعلن للزوجة أن زوجها ، قد غرق في البحر ، وأنه حاول انتشاله فباءت محاولاته بالإخفاق
الجريمة والغدر : لقد كان البحر خاليًا من الناس في فجر ذلك اليوم ، وكان البحر مائجًا صاخبًا ، وكان الموج يرتفع كالجبال ويهبط كما تهبط الشهب من السماء ، وكان الزوج لا يحسن السباحة ، ولكن الشاب استدرجه إلى السباحة بعيدًا عن الشاطئ ، ثم تركه طعمًا للأمواج ، يستغيث فلا من مجيب ، فابتلعته الأمواج إلى الأبد
الأرملة والمجرم : كانت الزوجة يتيمة لا معيل لها ، وكان الشاب وحيدًا في شقته بعيدًا عن أهله ، وعرض عليها الشاب بحنان ولهفة أن تشاركه شقته ومصيره ، وأبدى لها استعداده لاحتضان طفلها من أجلها ، ومن أجل حبها غير المقدس ، ووعدها بالزواج… استكانت الزوجة للشاب ، فآوت إلى شقته واستقرت فيها ، وكان طفلها في الرابعة من عمره ، يظن أن الشاب أبوه ، فيناديه من كل قلبه : بابا
لص خبيث : وطالبته بالزواج فماطل أولًا بلطف وتودد ، ثم بقسوة وعنف ، وبعد أشهر تبدل الشاب اللطيف إلى لص خبيث ، فأظهر تذمره منها ومن طفلها ، وتعلق قلبه بغيرها من النساء ، فأصبح في شقته بعيدًا بإحساسه عنها ، يأوي إليها في الهزيع الأخير من الليل
يوم من أيام الشتاء : وفي ضحى يوم من أيام الشتاء ، كان الشاب يتناول فطوره ، وكانت تلك الزوجة تعاتبه وتطالبه بالزواج بها ، فأظهر أنيابه السامة ، وكشف عن حقيقته التي كان يسترها من قبل ، وطالبها بالجلاء عن الشقة لأنه اعتزم الزواج بغيرها والاستقرار
دون جدوى: انهمرت دموعها غزيرة ، وذكرته بالماضي الحلو الجميل ، ولكنه كان كالصخرة الصمّاء قسوة وعنفًا ، وكان الطفل البريء لا يعرف للدموع معنى الدموع ، ولا يفهم ما يدور حوله من أحداث ، وتوسلت الزوجة إلى الشاب طويلاً بدموعها وذكرياتها دون جدوى
الطفل والسلاح : وكان الطفل يداعب مسدس الشاب الذي كان إلى جانبه ، وكان الشاب في شغل شاغل عنه ، وكان يعلم يقينًا أن المسدس خال من العتاد ، لأنه أخرج من عتاده بعد عودته إلى شقته في الهزيع الأخير من ليلة أمس ، ولكنه كان ثملاً لا يفرق بين النور والظلام ، بعيدًا بعقله في تيار الخمر والرذيلة
الرصاصة العادلة : وفجأة انطلقت رصاصة من مسدسه ، واستقرت في الجزء الأسفل من قلب الشاب ، فتلوى لحظات ثم سقط عن كرسيه فاقد الوعي ، في هذه اللحظات نطق الشاب بكلمات قليلة ، كانت آخر ما نطق بها في حياته ، وكان الجيران قد تجمعوا حوله فور سماع إطلاق النار ، فقال مخاطبًا الزوجة : لقد أغرقت زوجك في البحر ، ليصفوا الجو لي معك وحدي
ولكن الله رمى : وجاء الطبيب على عجل ، فوجد أن أمر الشاب قد انتهى ، وأنه فارق الحياة ، طلقة القدر ، أطلقها بيد الطفل الصغير الذي لا يعي ، وسيرها مباشرة إلى قلب الشاب ، وما رمى الطفل ولكنه الله رمى
وأسدل الستار على نهاية شاب مجرم ، ذهب ضحية أيام الصيف على ساحل البحر العباب ، فكانت قصته عبرة لكل منحرف