يوم عصيب ولكن ...


مشت بخطى سريعة، كأنها تحاول أن تخرق الأرض، وعندما وصلت إلى الدرس أدركت أنها قد تأخرت، وقد كان الشيخ الذي يلقي الدرس شيخ شديد صارم، لا يقبل بالأخطاء، ولا يتسامح مع الزلات، فنهرها وأمرها بالإنصراف، وهي أثناء ذلك ساكتة لا تنبس ببنت شفة، ثم انصرفت على حالها وأكمل هو درسه، أخذت تستغفر عل الضباب الذي زاحم نفسها بسبب الضيق ينجلي، فالنفس إن ضاقت بها الأرض بما رحبت غضبت وساء خلقها
ولكن لم يلبث أن ابتعدت عن مجلس الدرس بضع خطوات حتى انزلقت قدمها على الأرض بفعل ما بقي من مياه المطر، فاتسخت ثيابها وابتلت بعض صفحات كتابها، كان في المكان بعض الإماء اللواتي كن يتحدثن، ولجهلهن بسومر، أخذن يضحكن عليها بصوت خافت، رفعت سومر كتابها قبل نفسها، ثم مسحت بعض ما كان على صفحاتها قبل ثوبها، وأكملت مسيرها متجاهلة الضحكات، وحين مرت سومر بدكان كان يبيع ما تسد به جوعها، قررت أن تبتاع منه فأدخلت يدها في كمها فإذا هي قد نسيت دراهمها في حجرتها، وهنا بدأت شرارة من الغضب تشتعل في نفسها، وخفت ضوء الفؤاد معلناً عن حضور عتمة السخط، وقبل أن تكمل هذه الشرارة طريقها إلى وجه سومر وتحتكم سلطة هذه الظلمة في فؤادها تسلل إلى سمع سومر، صوت مرهف، يرتل آيات القرآن بصوت لم تسمع سومر مثله قط، كأنه صوت تكاسر الموج أو تضارب الريح، يخشع به القلوب ويقشعر به الأبدان، فهدأ فؤادها، ورقت نفسها، وسكن غضبها، ونظرت إلى السماء وهي تقول : الحمد الله، تأخرتً درساً وحضرت أياما، سقطت أمام الخدم وسترت عن أعين الطلاب، اسود ثوبي وغيري قد اسود قلبه، وابتلت صفحات وسلم الكتاب، ولئن جهلني العبيد لقد عرفني الأحرار، وقد نسيت دراهمي وغيري قد سرق، فاللهم لك الحمد كثيراً كما تنعم كثيراً ...

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك