قصة ليلة صافية غاية في الجمال




الثالثة صباحاً..أحد ليالي يوليو 2003..صيف حار جداً.. و ليلة صافية غاية في الجمال..كنت أنا و صديقي محمد نتمشى - كعادتنا - في أجواء قريتنا الصغيرة.. و ذلك الجزء من الليل..مع تلكم السكون الجميل في شوارع البلدة..يدعوك لأن تتحدى النوم و تبقى منتظراً تلك المقطوعة من الزمن كي تستمع إليها..و تستمتع بها.....المهم..تمشينا قليلاً في أجواء منزلنا الضخم..ثم بعدها طردتنا حرارة الجو إلى خارج البلدة .. في ذلك "الهِوّ"خارج البلدة لنتمشى على الطريق"الرصيف" الرئيسي لها..وبعد حوالي نصف ساعة من التجول العشوائي جيئة و ذهاباً قرباً و بعداً عن القرية النائمة..ظهرت تلك الفتاة..حوالى 16 سنه..ترتدي ملابساً تحمل طابع المدينة..يبدو عليها التعب الشديد..و العجب العجاب..كانت تمشي باكيةً في وسط الرصيف بين السيارات و المقطورات الضخمة تواجهها بشكل فيه نية

!@!
أن تخبطها أحد تلك العربات..حينما رأينا أنا و محمد ذلك الموقف جرى محمد قليلاً نحو الطريق و نادى عليها بعلو الصوت أن تبتعد عن الطريق كي لا تصاب بأذى فأذا بها تجري مبتعدة عنّا..و يزيد بكائها فحاولنا اللحاق بها كي ننقذها.. إلا أنها بدأت تنادي بصوت عال..علماً بأن تلك المنطقة تجاور بعض منازل البلدة.."إلحقوني..إلحقوني ..عاوزين يخطفوني يا ناس.."..ساعتها دب الخوف في قلبي و محمد..فهنا أنت معرض للوقوع تحت إسم التهمة "خاطف قاصر"..و ربما يتهموننا بمحاولة الإغتصاب..و لم نكن نعرف ماذا نفعل..و عموماً.. دون مقدمات..ابتعدنا عنها و تركناها..لوسط الطريق تمشي فيه..وقفنا بعدها أمام مدخل بلدتنا نفكر فيما يمكن أن نفعله..في ذلك الأمر حتى ظهرت تلك السيارة..ماركة سوزوكي حمراء فيها شخصان..يقتربان من الأربعين في العمر..توقفا أمامنا..و خرج أحدهما من السيارة - وكان أصلعاً.. ضخم الجثة - قائلاً :"يا جماعة فيه بنت ماشية وسط العربيات و بتحاول تنتحر و العربيات بتبعد عنها البنت دي من بلدكم و للا ايه.." فحكينا له الحكاية..فاقترح أن نركب معه السيارة و نذهب كلنا لننقذ تلك الفتاة..فنظرت لمحمد و نظر هو الآخر لي في خوف و قليل من التردد من ناحيتنا نحن الإثنين..ساعتها خرج من البلد رجل نعرفه..كان ذاهبا لـ"الغيط" ساعتها و حينما رآني و محمد من بعيد مع أصحاب السيارة خاف أن تكون هناك مشكلة ما فاقترب منّا و اختصرت له القصة ووافق أن يذهب معنا إلى تلك الفتاة لننقذها جميعاً.....و انطلقنا و بعد حوالي خمس دقائق أو أقل مررنا بالفتاة على حالتها تبكي و تمشي في منتصف الطريق تواجه العربات..و سبقناها قليلاً ثم خرج الرجل "بتاع بلدنا" من السيارة و أخذ معه محمد صديقي معه و قال لي "خلليك انتا يا د/شادي هنا و احنا هنجيب البنت و نيجي و لما نحطها في العربيه كتفها انت و امنعها من الخروج".. و صراحة..أنا لم أستطع الرد عليه..و توقفت للتفكر قليلاً ..إلا أنه لم ينتظر..و ذهب..أما أصحاب السيارة فخرج أحدهما مع الرجل و محمد و بقى الآخر معي في السيارة..و اذا برجلنا يمسك بالفتاة غير آبهٍ بصراخها المتوالي"الحقوني هيخطفوني يا ناس" و اذا به يقذفها بجانبي في السيارة..و يدخل السيارة و الفتاة تضرب فيّ بيديها و تتابع صراخها..و قال رجل بلدتنا الذي لم أكن أعرف اسمه- في وسط صراخ الفتاة- "اطلع يا ريس على البلد نوديها أي بيت..تفضل هناك.. و نسأل عنها الصبح"..فقلت له" طيب يا عم الحج و صاحبي اللي واقف بره العربيه ده هنسيبه كده و نمشي احنا"..استنى يركب معانا فرد صاحب السيارة "يا استاذ العربيه مش هينفع تشيل واحد كمان اخرج انت و تعالا مع صاحبك لحد البلد مشي و احنا او الراجل ده هيكون عند أول البلد..لم يكن من الصواب أبداً أن أترك محمد يعود كل تلك المسافة الى البلدة وحده..فخرجت من و - وسط صراخ الفتاة - انطلقت السيارة نحو البلدة و انطلقنا نحن - بالخطوة السريعة- خلفها.. و بعد حوالي عشر دقائق من المشي و عند اقترابنا من البلدة قابلنا - متجه نحونا - من لم يكن في الحسبان..الفتاة مرة أخرى .. و استغربنا الموقف .. كيف و قد وضعناها في السيارة الذاهبة إلى بلدنا..و قبل أن نكمل أفكارنا تلك اذا بها تصرخ بصوتٍ عال.."حرام عليكم..كنتوا عاوزين تخطفوني يا ولاد الـ* و الـ*و الـ_فاصل من الشتائم" فأجبنا عليها غير مهتمين بتلك الشتائم "يا بنتي انتي اللي حرام عليكي هتموتي نفسك ..تعالي يا بنت الناس نروحك بيتكم أو حتى نوديكي لأي حد يساعدك.."..فردت مبتعدة عنّا "أوعوا تقربوا مني يا ولاد الـ* و الله اللي هيقرب مني ل" و جرت مبتعدة عنا و ساعتها لم يكن من السهل ..في هذه المسرحية الصوتية أن يبقى أهل البيوت المجاورة نائمين..استيقظ بعضهم..حوالي 3..راجل و مراته و جارهم.. و أطلوا من الشبابيك..ليشاهدو ما يحدث.. و الأمر بالطبع ليس سهلاً أبداً .."تخيل نفسك تخرج الساعة 4 صباحا من شباك بيتك لتجد فتاة تصرخ في بعض الشباب الذين تعرفهم أنت ألا يخطفوها..ما هي وجهة نظرك بالنسبة لهم؟؟!.. طبعاً احنا اتفضحنا في البلد تاني يوم"..المهم..لم يحاول أي ممن خرجو ان يساعد أو يتدخل ظناً منهم انها بنت و كنا بنعاكسها و رفضت..و دخل الجميع..بشكل عجيب.. بيوتهم..أما عن الفتاة فكانت قد ابتعدت عنّا و خفنا ان نتبعها فتحدث نفس المشاكل..و ذهبنا نحو بلدتنا داعين الله أن ينقذها..و عند مدخل بلدتنا وجدنا الرجل الذي كان قد أمسك بها هناك فسألناه عما حدث فقال ان الفتاة أخذت صرخ بقوة و تضرب بيديها و قدميها فهلع صاحب السيارة و اخرجها من السيارة و خرجت معها إلا أنه لم يستطع الإقتراب منها بسبب حالتها تلك..و توقفنا نتكلم قليلاً في ذلك الأمر حتى جائ "تكتك" من ناحية طريق الفتاة تلك و نزل منه شابان قال أحدهما بالنص:" يا جماعة فيه بنت ماشية وسط العربيات و بتحاول تنتحر و العربيات بتبعد عنها البنت دي من بلدكم و للا ايه.."

...... بعدها بحوالي نص ساعه جاء واحد من بلدنا و قال ان فيه بنت كذا و كذا و كذا و..... و ان الناس اللي كانو في الأتوبيس اللي كان راكبه أخدوها و طلعوا بيها على المركز..........فقلنا الحمد لله...و ذهبنا كلٌ إلى بيته نتسائل.. ما الذي كان يمكن فعله أكثر من ذلك في ظرف مثل هذا؟

في رأيكم....فعلاً.. ما الذي كان يمكن فعله أكثر من ذلك في ظرف مثل هذا؟

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك