في إحدى ليالي الشتاء الباردة جلس مجموعة من الأصدقاء في إحدى المقاهي يتجاذبون أطراف الحديث وقد كان كل واحد منهم يحكي حكاية غريبة حدثت له في حياته ولم يجد لها تفسيرا منطقياً وفي تلك الأثناء لاحظت وجود شخص غريب يجلس بالقرب منا
وهو ينصت بأهتمام لما نقول دون أن يشاركنا في : الحديث وبعد أن انتهى كل واحد من سرد قصته ألتفت إلى ذلك الشخص الغريب وسأله أحدهم :
ايها السيد .. ألم تمر بك أي أحداث في حياتك لم تجد لها أي تفسير؟
ظل الرجل الغريب في صمته لحظة ثم قال: الحقيقة يا صديقي حدثت لي قصة قد تبدو قصة عادية وقد تكون غريبة لأنني لم اجد لها اي تفسيراً حتى الآن .
وهنا إنتبه الجميع إلى حديثنا فتحولوا إلى الرجل الغريب وطلبوا منه ان يسرد عليهم قصته حتى يقرروا إن كانت غريبةً فعلاً . اعتدل الرجل الغريب في جلسته ثم بدأ في سرد قصته :
!@!
« في العام الماضي كنت اسكن في احد المنازل القديمة في شارع «اوزموند وول» وقد كان نظام تصريف المياه في ذلك المنزل لا يعمل بطريقة جيدة لذلك تشققت
الجدران واتلفت اوراق الحائط في غرفتي وظهرت عليها اشكال غريبة اشبه بالخرائط وذلك بفعل الرطوبة وقد كانت هذه الأشكال تتغير كل يوم ولقد لاحظت انها شكلت وجه لإنسان في منتصف الحائط والغريب أن هذا الوجه الذي ظهر بفعل الرطوبة
وبمساعدة ورق الحائط لم يتغير أبداً بل ازداد في الوضوح حتى صار وجهاً آدمياً في غاية الوضوح كأنه صورة فتوغرافية بعد أن ظهرت ملامحه الدقيقة كالعيون والشعر والأنف وتركيبة
الرأس وقد انتابني شعور بأن هناك شخص في هذه الدنيا يشبهه بعد ان رسخت صورته في ذهني تماماً لذلك بدأت في البحث عن صاحب هذا الوجه بين المارة لعلني التقي به ثم تحولت الى اماكن التجمعات كدور الرياضة والمسارح والسينمات ومحطات
القطارات وهكذا بدأت في البحث عن صاحب الوجه كالمجنون حتى ارتاب في تحركاتي رجال الشرطة والجيران ولكني لم اهتم لهم لأنني لم اكن اراقب النساء لأن كل اهتمامي كان بالرجال فقط ولكن مع كل ذلك فشلت في العثور على صاحب ذلك الوجه الذي ظهر على حائط غرفتي .
صمت ذلك الرجل الغريب برهة ثم قام بمسح وجهه براحة يده وقد بدأت على محياه علامات التفكير والارهاق ثم واصل في سرد قصته «واخيرا وجدته ..
نعم لقد وجدت صاحب الوجه وقد كان يستقل سيارة اجرة شرق (بيكاديللي) لذلك لم اتردد في تعقبه حتى وصلنا إلى محطة القطارات وقد كان صاحبنا بصحبة سيدة وفتاة صغيرة وهم في طريقهم إلى فرنسا عبر «المانش»
ومع ذلك واصلت تعقبهم حتى صعدوا إلى ظهر الباخرة التي سوف تعبر بهم إلى الشاطئ الفرنسي وفي الباخرة اختفى الرجل ومجموعته داخل احد الاجنحة الخاصة وانتظرت حتى خرج الرجل ليتمشى على ظهر الباخرة بصحبة الفتاة الصغيرة .
صمت الرجل الغريب لحظة ثم واصل في سرد قصته «تقدمت نحو الرجل صاحب الوجه وسألته بكل جرأة أن يمنحني بطاقته الخاصة لأنني في اشد الحاجة إليها وهنا تعجب
الرجل ولكنه مع ذلك ادخل يده في جيبه واخرج لي بطاقة مذهبة قدمها لي ثم انصرف مع الفتاة بهدوء دون ان يسألني عن السبب وبعد ان انصرف انزويت في احد الاركان ونظرت إلى البطاقة وقد هالني ما رأيت ودارت الدنيا حولي
واصابني دوار لم يكن بفعل البحر ولكن ما رأيته كان السبب فقد قرأت في البطاقة «مستراوزمون وول» من الولايات المتحدة «واوزمون وول» هو اسم الشارع الذي اسكن فيه وكلمة «وول» تعني حائط .
توقف الرجل الغريب عن سرد قصته وصرنا ننظر إلى بعضنا البعض فقد فاقت قصته كل ما رويناه هذا المساء ولكن القصة لم تنته بعد، قال الرجل الغريب بعد أن عدت إلى غرفتي في «اوزمولن وول»
بدأت اتحرى عن «اوزمولن وول» فعرفت ان «اوزمون وول» شخصية معروفة، مليونير امريكي من اصل بريطاني يعيش بين امريكا وانجلترا ولكني لم اعرف له عنوان في لندن وفي ذلك اليوم استغرقت في نوم عميق
من شدة التعب وفي الصباح فتحت عيني ونظرت إلى الحائط حيث توجد صورة «اوزمولن وول» المرسومة بفعل الرطوبة قبالتي وفجأة قمت مفزوعا وانا لا اصدق ما أرى لقد كانت صورة الوجه واضحة حتى الأمس ولكنها
بدأت باهتة هذا الصباح حتى أنني لا اكاد ان اتبينها الشيء الذي اصابني بالحزن لذلك خرجت من المنزل وعندما طالعت صحف الصباح طالعت هذا الخبر مليونير امريكي يتعرض لحادث سيارة
وقرأت تعرض المليونير المعروف اوزمون وول لحادث سيارة وهو الآن في غرفة الانعاش بعد ان ساءت حالته ..
توقف الرجل الغريب عن سرد قصته ثم واصل «الاغرب من ذلك عندما عدت إلى غرفتي وجدت ان صورة الوجه المرسوم على الحائط قد تلاشت تماماً
واختفت وحلت مكانها بعض الشقوق والاشكال الغريبة بفعل الرطوبة وفي المساء جاءت الصحف المسائية معلنة وفاة مستر اوزمولن وول وهكذا انتهت القصة ولكن ..
صمت الرجل الغريب بعد أن اكمل قصته وصحنا كلنا «انها قصة غريبة فعلا قصة لا يمكن تفسيرها بأي حال من الاحوال لأنها اغرب من الخيال»
وهنا قال الرجل الغريب نعم انها فعلاً قصة غريبة ولكن هناك ثلاثة اشياء يمكن توضيحها حول هذه القصة اولاً من الطبيعي ان تظهر صورة وجه ما على الحائط بفعل الرطوبة وتشبه شخص ما ولكن عندما تختفي هذه الصورة
مع وفاة هذا الشخص فهو أمر غريب لا يمكن تفسيره ثانياً ان يتطابق اسم الشخص مع اسم المكان الذي ظهرت فيه فهذا أمر آخر لا يمكن تفسيره ايضاً.
نهض الرجل الغريب من مقعده ثم همّ بالانصراف. وقبل ان ينصرف سأله احدهم «معذرة يا سيد لقد قلت ان هناك ثلاثة اشياء يمكن توضيحها حول هذه القصة وانت لم تذكر غير اثنين فقط وهنا أجاب الرجل الغريب ببرود:
«آه .. انا آسف لقد نسيت ان أوضح لكم الأمر الثالث عن القصة وهو انني قمت بتأليفها في اقل من نصف ساعة وانا استمع إلى .. حديثكم»
ثم انصرف !!