لتلك المقولة قصة طريفة وقعت في عهد المنصور العباسي مع الشاعر ابن هرمة ، وهو اللقب الذي يطلق على إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي ، أخر الشعراء الذين يحتج بشعرهم في اللغة والنحو حيث قال فيه الأصمعي ختم الشعر بابن هرمة .
مولده : وقد ولد بن هرمة بالمدينة المنورة عام 80هـ وتوفي عام 176م ، وكان قصير القامة دميم الشكل مشهور بالبخل ، أما عن شعره فكان له 280 قصيدة حفظها التاريخ ، وكان من الشعراء الذين يفدون على بلاط الملوك بالمدح والثناء حتى تجزل لهم العطايا ، فمدح والأمويين والعباسيين ورحل إلى دمشق وبغداد .
شعره : كان يكثر من التشابه في شعره وأجاد الغزل والفخر والحكمة والهجاء ، وأبدع في وصف الصحراء حتى قال عنه الجاحظ :
لم يكن في المولدين أصوب بديعاً من بشار وابن هرمة
، ومن شعره في المدح حين قال : وفي المدح قوله : وكانت أمور الناس منبتة القوى فشد الوليد حين قام نظامــها خليفة حق لا خليفة باطل رمى عن قناة الدين حتى أقامها قصته مع شرب الخمر : كان ابن هرمة مولعاً بشرب الخمر لا يقوى على تركه ، ودائماً ما كان يجلد تطبيقاً لحد الله في مسألة الخمر ، ويُحكى أنه ذات يوم دخل على الخليفة المنصور وأسمعه شعراً طرب له المنصور وسأله عن حاجة يطلبها ؟ فقال له : أن تكتب إلى عاملك بالمدينة إذا وجدني مخموراً ألا يحدني فقال له المنصور : هذا حد من حدود الله لا سبيل إلى تركه ، فقال ابن هرمه : هذه هي حاجتي وما لي حاجة غيرها ، ففكر المنصور في حيلة ذكية ينفذ بها رغبة ابن هرمة .
حيث قال لكاتبه : اكتب إلى عاملنا بالمدينة : (من أتاك بابن هرمة وهو سكران فاجلده ثمانين جلدة واجلد الذي جاء به مائة) ، فكان المعنيون من الشرطة يمرون عليه وهو سكران ، فيقولون من يشتري ثمانين بمائة ثم يمضون في طريقهم تاركينه خلفهم ، وهكذا استطاع بن هرمة أن ينفذ من تطبيق الحد في عهد المنصور .