فلورا فتاة عشرينية ، في نهاية العقد الثاني من العمر ، تروي قصتها مع شقيقتها الصغرى لورا ، والتي وقعت منذ أعوام طويلة خلت ، جلست فلورا تسترجع الذكريات والأحداث ، التي أفقدتها شقيقتها الوحيدة ، دون أن تترك خلفها أثرًا واحدًا . تقول فلورا ، توفيت الوالدة منذ ثلاث أشهر مضت ، وأنا حبيسة داخل المنزل وحدي ، وقد اقترب المخزون المتوفر من الطعام والشراب على النفاد ، وبالتالي سوف أبقى هنا ، في انتظار الموت جوعًا وعطشًا ، حتى يجف جسدي من السوائل ، ولكن لن أخرج إلى هذا الوحش ، الذي أتى من الشجرة الملعونة ليمكث خارج منزلي ، في انتظار خروجي ليهاجمني ويأخذني كما أخذ شقيقتي لورا من قبل . الحكاية : تروي فلورا أنها كانت بعمر الثامنة ، وشقيقتها لورا في السادسة ، وكانتا تعيشان برفقة والدتها التي تعمل في المزرعة الملحقة بالمنزل ، في حين هجرهم والدهم وسافر بعيدًا ، ولم تستطع الفتاتان أن ترياه مرة أخرى . كانت الأم تجاهد نفسها في العمل الشاق ، من أجل الإنفاق عليهما ، وكانت الفتاتان تساعدانها على قدر عمرهما الصغير ، فالمنزل كان بعيدًا بشدة عن المنازل الأخرى ، وليس حولهم سوى غابة قريبة من المنزل ، طالما ركضت بداخلها الفتاتان دون توغل إلى العمق . وعلى الجانب الآخر ، كانت الأم تقضي طيلة اليوم في تربية الحيوانات بالمزرعة وإطعامها ، وقد تذهب إلى السوق في نهاية الأسبوع لتبيع ما استطاعت أن تصنعه ، من منتجات الألبان والجبن وغيرها ، ثم تأتِ بالمال والطعام للصغيرتان .
في أحد الأيام ، كانت فلور ولورا تلعبان بالمزرعة ، فانطلقت لورا الصغيرة مندفعة صوب الغابة ، لتختبئ بها ، ولحقتها فلورا حتى توغلتا بالغابة ، ووصلتا إلى مكان أشبه بالصحراء كيف لصحراء أن تظهر في تلك المنطقة ، ولكن أكثر ما لفت انتباه الصغيرتان ، هو وجود شجرة غريبة جافة وتفوح رائحة العفن ، من لحائها الممزق والمهتريء ، وكأنها لم تسقى منذ أعوام خلت . شعرت فلورا بالريبة والكآبة ، من شكل الشجرة الغريب ، فلا طيور حولها أو هواء ولا حتى ريح ، بالإضافة إلى وجود الكثير من جثث الحيوانات المذبوحة ، وكأنها لوحة فنية كئيبة ، لا سبيل للخروج من كآبتها سوى بالابتعاد عنها . قررت فلورا أن تعودا أدراجهما ، إلا أن لورا كانت كالمسحورة ، ونظرت لشقيقتها وتوسلت إليها ، أن تذهبا للجلوس إلى جوار تلك الشجرة ، وعلى الرغم من انقباض فلورا ، إلا أنها قد أطاعت شقيقتها ، نتيجة إلحاح لورا وأنها ترغب في الجلوس لبعض الراحة . جلست الصغيرتان تتبادلان أطراف الحديث ، وتحدثتا بشأن والدهما الذي رحل دون عودة ، فجلست لورا متربعة وهي تمني نفسها بألعاب جديدة ، وفساتين حلوة غير تلك البالية التي ترتديها ، وبعض الدمى التي لا مثيل لها ، فجأة سمعتا صوت شيء ما وكأنه كهرباء ، فنهضتا مسرعتان ، والخوف يتملكهما وهما تنظران حولهما ، ولكن لا يوجد أحد غيرهما ! تقدمت لورا نحو الشجرة ، وهي تشير لأختها أن ترافقها فالصوت قدم من خلف الشجرة ، لم تكن فلورا ترغب في الاقتراب من الشجرة أكثر من ذلك ، وأصرت على الرحيل ، إلا أنها رافقت لورا التي أبت أن تنصرف هكذا ، وبمجرد أن دارتا حول الشجرة . حتى وجدتا ألعابًا كثيرة جميلة الألوان ، وفساتين زاهية ومحببة إلى النفس ، وكل ما أرادته لورا ظهر خلف الشجرة ، دارت الصغيرتان حول الشجرة ، لتعرفا من أتى بتلك الأشياء ، إلا أنهما لم تجدا أحدًا ، وأخذت لورا الأشياء ، إلا أن فلورا ارتعبت ولم تمس شيئًا ، ورغبت في صرف شقيقتها عن حمل تلك الأغراض ، إلا أنها أبت . لم تلحظ الأم ما جد من ألعاب داخل المنزل ، وما جد من ملابس على لورا ، إلا أنها في أحد الأيام عنفت الصغيرة بشدة ، فانطلقت لورا صوب الغابة وانصرفت الأم نحو المزرعة ، بينما لحقت فلورا بشقيقتها وهي تعلم أين ستجدها ، بالطبع عند الشجرة . تسحبت فلورا ووقفت خلف إحدى أشجار الغابة ، لتنظر ما تفعله شقيقتها ، فوجدتها تتحدث إلى أحدهم ، كانت سيدة وقد طلبت منها لورا أن تأخذها معها برفقتها ، هنا انزعجت فلورا وانطلقت نحو لورا لتجرها من يدها ، ولكنها فوجئت بأن السيدة ، لم تكن سوى لحاء اتخذ هيئة البشر . وليس لها عينان ولها أسنان متسوسة بشدة وسوداء اللون ، ولها يد ذات عروق سوداء ومخالب طويلة مرعبة ، وقد امتدت لتسحب لورا ، فمدت فلورا يدها لتنقذ أختها ، إلا أن العجوز الشرسة المرعبة ، كانت قد سحبت الصغيرة نحوها ، وقد همت باللحاق بفلورا ، التي ركضت مسرعة عبر الغابة نحو المنزل ، وذهبت باكية صارخة بشدة ، لتسقط فاقدة وعيها . استفاقت فلورا وقصّت لأمها ما حدث ، وهي مرتعبة بشدة ، فانعقد حاجبي الأم بشدة ، وعلت وجهها نظرة مرعبة ، وأخذت تردد فقدت لورا فقدت طفلتي الصغيرة ، أيها الوحش أيها الشيطان ، اتركنا فقط لا نريد منك شيئًا ، وقدمت لك ما يكفيك من قرابين ، ثم أخذت تدور بالمنزل ، وفي اليوم التالي أقامت عزاء لطفلتها لورا ، على الرغم من تأكيدها بأن الطفلة مازالت على قيد الحياة . مضت السنوات حتى بلغت فلورا السادسة عشرة من عمرها ، قررت بعدها فلورا أن تذهب لتلك الشجرة ، التي حرمتها شقيقتها وتجهز عليها ، نعم ذهبت وقطعت الشجرة بالفأس ، لتكتشف أن كيانًا مظلمًا قد تحرر من داخلها ، بدلاً من أن يموت ويأخذ لعنته معه ، لتظل طيلة كل هذه الأعوام ، تقف داخل المنزل وتشاهده يجلس بالخارج ، في انتظار خروجها ليقضي عليها . والآن وقد توفيت أمها ، ولزمت هي المنزل لثلاث أشهر ، حتى كاد الطعام والشراب أن ينفدا ، والوحش القادم من الشجرة الملعونة ، ينتظرها دون كلل أو ملل ، لتلحق بشقيقتها لورا .