قصة الدبلوماسي

منذ #قصص عالمية

تدور أحداث القصه في إحدى المدن الروسية ، حينما توفيت آنا كوفالدينا وأوكل إلى العقيد بيسكاريوف اخبار زوجها ميخائيل بالوفاة ولكن بطريقة دبلوماسية.

القصه: لقد لفظت زوجة الدبلوماسي الأسمى آنا كوفالدينا أنفاسها ، وأخذ الأقارب والمعارف يتشاورن ، عن ما يتوجب عليهم فعله ، هل يرسلوا الخبر لزوجها إذ بالرغم من أنه فارقها إلا أنه كان يحبها ، فقد جاء منذ فترة راكعاً على ركبتيه لتغفر له نذوته .

وطلبت عمتها من العقيد بسكاريوف والذي كان يتشاور معهم في الأمر العائلي ، أن يذهب إلى ميخائيل بيتروفيتش في الإدارة ، فهو صديقه ليخبره بتلك المصيبة ، ورجته أن ينقل له الخبر دون أن يصدمه حتى لا يحدث له شيء ، فهو رجل كبير في العمر .

ذهب العقيد إلى إدارة السكك الحديديه حيث يعمل الأرمل الحديث العهد فوجده يعد الميزانيه ، وهو يجلس على الطاولة ويمسح عرقه ، فألقي عليه التحية ، وجلس معه وقال له أنه كان يمر بالقرب من مكان عمله فأراد أن يتشاور معه فى مسألة .

فرحب به ميخائيل واستأذنه في ربع من الساعة حتى ينهى عمله وينصت إليه ، فرحب به ميخائيل واستأذنه في ربع من الساعة حتى ينهى عمله وينصت اليه ، فرد عليه العقيد متفهماً نعم يا عزيزي اكتب اكتب فقد جئت هنا عابراً سأقول لك كلمتين وأنصرف.

وبعد أن فرغ ميخائيل بيتروفيتش من عمله ، ترك الريشة من يده ، وأنصت تماماً للعقيد ، تردد العقيد قليلاً ثم تلعثم في الحديث ، فقال : إن الجو عندكم في الإدارة خانقاً ، أما في الخارج فالجو جنة حقيقية حيث الزهور والشمس ونسمة الهواء الناعمة حتى الطيور ، أتعلم لقد ذهبت إلى البوليفار في طريقي وكان مزاجي رائعاً .

أتدرى فأنا رجل حر أرمل ، فأنا أستطيع الذهاب إلى أي مكان أريد وقتما شئت ، فأنا أذهب إلى الحانه ، وأركب الخيل ذهاباً وإياباً ، أفعل ما شاء لي ، فلا أحد يجرؤ على ايقافي ، ولا أحد يعول خلفي في المنزل ، كلاً يا أخي ، فليس أفضل من حياة العازب ، فهي حرية وانطلاق ، فسأعود الآن إلى المنزل ولا أحد يجرؤ أن يسألني أين كنت .

أتعلم أن كثيرون يتحدثون عن روعة الحياة الزوجه ولكنها مثل الأشغال الشاقة ، فحياة العازب تغنيك عن سماع أحاديث الموضة والكورسيهات والصراخ والقيل والقال ، وبعد قليل الضيوف والنفقات والأولاد يأتون إلى الدنيا واحداً تلو الآخر ، فتنهد ميخائيل وعاد يمسك بالريشه قائلاً له سوف أفرغ حالاً .

فتفهم العقيد انشغاله وقال له حسنا اكتب اكتب ، ثم استطرد حديثه مرة أخرى قائلاً : تخيل يا أخي ماذا لو تزوجت من امرأة ليست شيطانه ، ولكن المرأة ابليس بتنوره ، ماذا لو كانت من تلك النساء اللاتي لا يتوقفن عن الأزيز والضجيج ليل نهار .

إذا ستصرخ مستنجداً ، فانظر على سبيل المثال إلى نفسك ، أنك كنت سعيداً عندما كنت عازباً ، وما إن تزوجت حتى تدهورت وأصبحت منطوياً ، وقد فضحتك زوجتك في المدينة كلها وطردتك من البيت فأي خيراً في هذا ، أن زوجة مثلها لا تستحق حتى الشفقه .

قاطعه ميخائيل متنهداً قائلاً : لقد كنت أنا المذنب في انفصالنا لا هي ، فرد عليه العقيد قائلاً : دعك من ذلك إنها امرأة شريرة وخبيثة وليس فيها خيراً أبداً وأما عن اللؤم الذي كان في المرحومة فلا يمكن وصفه .

اندهش ميخائيل واتسعت عيناه وقال له في زعرو هو يسأل ماذا تعني بالمرحومة ! فتدارك العقيد بيسكاريوف خطأه وتلعثم ثم قال مرحومة ماذا دهاك يا أخي اتقي الله ، من قال مرحومة ، اسمعني بأذنك لا ببطنك .

فسأله ميخائيل هل زرت آنا اليوم ؟ فرد عليه العقيد نعم زرتها في الصباح ، وقد رأيتها تصرخ فى الخدم تارة لم يقدموا لها الشيء كما يكن ، وتارة لتقصيرهم فى شيء آخر ، أنها امرأة مزعجة يا أخي ، ياليتها تطلق سراحك فتعيش حر وتمتعت وستتزوج غيرها ، إنها امرأة قبيحة ومتغطرسة وسيئة الطباع .

رد عليه ميخائيل متنهداً وقال : إنه من السهل عليك أن تتحدث كذلك يا بيسكاريوف أما الحب لا يقاس كذلك فلا يمكن انتزاعه ببساطه ، فرد عليه العقيد بيسكاريوف قائلاً : وهل فيها ما يحب ، إنك لم ترى منها غير اللؤم ، إنني كنت لا أحبها وكنت أتجنب المرور بجوار منزلها حتى لا أراها ، نهايته رحمها الله وأسكنها جناته .

فقال ميخائيل منفعلاً اسمع أيها العقيد إنها ثاني مرة يذل فيها لسانك ، فماذا حدث لها ، هل ماتت ؟ فتلعثم العقيد مرة أخرى ثم قال : لا لا لم يمت أحد كل ما هنالك أنني لم أكن أحب المرحومة ، لا لا بل زوجتك .

انفعل ميخائيل أكثر وقال له ماذا حدث لها انك منذ أن جئت إلى هنا وأنت تمتدح عن حياة العزوبيه ، وعن روعتها ، فهل ماتت زوجتى ؟ فرد عليه بيسكاريوف وهو يسعل وماذا فى ذلك يا أخي ، فأنا سوف أموت وأنت سوف تموت ، فلا تتسرع كذلك يا أخي .

أحمر وجه ميخائيل وامتلأت عينيه بالدموع وسأله بصوت خافت ماتت في أى ساعة ولما كل هذه الدبلوماسيه ؟ رد عليه بيسكاريوف ليس في أي ساعة إنها لم تمت ، هل قلت لك أن المرحومة ماتت ، ماذا دهاك لتتخيل ذلك ، وتسترسل في البكاء ، إنها بصحة جيده وقد زرتها فى الصباح .

واذا لم تصدقني يا أخي اذهب معي إلى المنزل حتى نلحق القداس ، لا لا لكي نلحق أن تعرف أنها لم تمت بعد فالأطباء يقولون أن هناك أمل ، انهار ميخائيل وأجهش ببكاء حار ، وقفز زملاؤه يواسوه حتى غاب عن وعيه .

انصرف العقيد بيسكاريوف من المكتب وتوجه الى منزل المرحومة وقال لهم : أنا لا أقوى على مصارحته فقد قلت له كلمتين مجرد تلميح ، فانهار فاقداً وعيه أرسلوا إليه أحد آخر يخبره بالوفاة .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك