كان الإمام محمد بن سيرين من سادات التابعين ومن أغنيائهم. كانت له ثروة عظيمة من العسل، وكان له منها ما يقارب (الستمائة) برميل من العسل، (فكان ليس مليونير، بل ملياردير)، وفي يوم من الأيام وجدوا فأرة في أحد البراميل، (والحكم الشرعي أنه: إذا وقعت الفأرة في الشيء المائع أي: السائل (كالزيت والعسل واللبن مثلاً)، تطرح الفأرة وترمي هذا السائل، وإذا وقعت الفأرة في الشيء الجامد الصلب (كالسمن مثلاً) فيرمى الفأرة وما حولها، ثم تنتفع بالباقي..
فلما وقعت الفأرة في برميل من براميل عسل محمد بن سيرين، ِاستخرجوا الفأرة من البرميل وطرحوها، ثم إنهم نسوا في أي البراميل كانت هذه الفأرة، فكان من ورع محمد بن سيرين أن رمي ببراميل العسل كلها، وكانت مصيبة عظيمة، أفلس منها بعدما كان من أغنياء الدنيا، إلا أن ورعه يمنعه أن يلق الله بشبهه.
فقيل له في ذلك: إنها لخسارة عظيمة.
فقال: هذا ذنب أنتظر عقوبته منذ أربعين سنة!!
فقالوا له: وما هذا الذنب؟
فقال: عيرت رجلاً وقلت له يا فقير.
سبحان الله العظيم!!
محمد بن سيرين ينتظر عقوبة ذنب منذ أربعين سنة، فما بالك بمن يتقلب في الذنوب والمعاصي ليل نهار..
قَلّتْ ذنوب القوم فعرفوا من أين أتوا، عير رجلاً وقال له يا فقير، فكيف بمن يخوض في أعراض الناس ليل نهار..