ولد "شونغ جو –يونغ" عام 1915 من عائلة فقيرة جداً، كان أبوه مزارعاً في قرية نائية في كوريا الجنوبية، ترك قريته واتجه حاملاً أحلامه إلى سيئول.
كانت البداية كعامل بناء في الورش وحمل الحجارة ونقل الطين. عانى "شونغ جو" من صعوبة لقمة العيش وأعطته هذه البداية دافعاً ليقوي قدراته الشخصية ويكتسب صبراً وعزيمة على تحسين وضعه المهني والاجتماعي.
كان شخصا ايجابياً إلى ابعد الحدود ونشيطا، ويأخذ الأمور بمسؤولية وجدية كبيرتين. وفر "شونغ جو" مبلغاً من المال من خلال عمله الشاق، وهو لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد.
بدأت الحرب العالمية ولم يعد لعمال البناء عمل في ظل حرب مدمرة وشرسة. لم ييأس "شونغ جو" وعمل في ورشة لتصليح السيارات والشاحنات العسكرية وتعلم هذه الصنعة واستمر فيها إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
بعد حوالي 5 سنوات من انتهاء الحرب افتتح "شونغ جو" ورشة لتصليح السيارات وكان ذلك في عام 1946 وكان عمره حينها 32 عاماً وبعدها بسنة وبسبب طموحه اللامحدود أسس شركة للهندسة أسماها "هونداي" وهي كلمة كورية تعني "الوقت الحاضر".
حققت الشركة نجاحاً كبيراً وكانت أول شركة تفوز بعقود خارجية لبناء مشروعات خارج كوريا الجنوبية،
ما أعطاها مكانة خاصة بين الشركات الأخرى، وأرسى قواعدها وبنيتها الأساسية. كما أسهمت الشركة بشكل أساسي في عملية البناء والإعمار بعد الحرب بين الكوريتين، والتي لم يفقد "شونغ جو- يونغ" خلالها الثقة في أن الأمور ستتحسن وتتطور وأن الوضع القائم هو وضع مرحلي وسيزول حتما.
من ميزات "شونغ جو" أنه كان شخصاً مقداماً ومخاطرا من الدرجة الأولى. لذا بلغ حبه للمغامرة درجة المقامرة، وكان سبباً أساسياً للنظر إلى خارج حدود كوريا والتوجه إلى بلاد لا يعرفها ليسوق أفكاره وخدماته.
كان دائم البحث عن الغريب والمميز. لذا ذهب بمشاريعه إلى مناطق محفوفة بالخطر، وفي ظروف طبيعية صعبة للغاية كغابات جنوب شرقي آسيا وإلى مناطق ألاسكا. وعلى الرغم من مخاطرته ونظرته الدائمة إلى ما وراء الأفـق وزرع مشاريعه فيها، إلا أنه لم ينس بلاده كوريا. ويدين له الكوريون بالكثير، حيث كان له دور مهم في بناء البنية التحتية لكوريا من جسور وطرقات ومصانع للطاقة النووية، وغيرها من المرافق الحياتية الأساسية الهامة.
بعد نجاح توسعات شركته، ِافتتح "شونغ جو" مصنع (هيونداي) للسيارات عام 1967، وكان نشاطه في البداية تجميع سيارات فورد في كوريا.
شكلت بداية السبعينات نقلة نوعية لشركات هيونداي، حيث استطاعت شركة هيونداي للمقاولات ومشروعات البناء أن تفوز بعقد قيمته مليار دولار لبناء ميناء في منطقة الجبيل في المملكة العربية السعودية.
استعملت الشركة قطعاً ومعدات كورية بغرض التوفير، كما أنها لم تدفع رسوم تأمين على ما يتم شحنه ونقله من كوريا، ما كان سيعرض الشركة لخسائر فادحة فيما لو تضررت المواد الأولية للبناء، وهذا ما يظهر نسبة مخاطرة "شونغ جو" وحبه للمغامرة.
وأثبت "شونغ جو" يونغ أنه على صواب من خلال هذه المخاطرة. ولعبت هيونداي دورا ً بارزا ً في عملية البناء في الشرق الأوسط.
إكتسبت شركات هيونداي ثقة دولية، وحظي "شونغ جو" باحترام الجميع، وأثمر ذلك عن دعم الحكومة الكورية لشركاته، ما ضاعف من مشاريعها ومن توسعها.
تابع "شونغ جو" مغامراته التجارية والتصنيعية، فبدأ عام 1973 بتأسيس أكبر مصانع لبناء السفن وترميمها، على الرغم من أنه لم يكن لديه أدنى خبرة أو معرفة ببناء السفن، وقد نجح بسبب دعم الحكومة واليد العاملة الهائلة التي عملت من خلال مشاريعه، وأيضاً بسبب الطريقة الغريبة التي يفكر بها.
وفي عام 1974 طرحت شركة هيونداي لبناء السفن وكان اسمها Hyundai Heavy Industries وأول مركب لها تحت اسمAtlantic baron
ظهرت أول سيارة كورية عام 1975 وكانت من صنع “هيونداي”، واسمها PONY، وما لبث أن توسعت أعمال الشركة، وخاصة على مستوى العمالة الكورية.
أسس "شونغ جو" بعد هذا التوسع شركة "هيونداي للالكترونيات" عام 1983، وكان نشاطها الأساسي تصنيع الكمبيوتر الشخصي وتطويره، ومرة أخرى نراه يدخل مجالاً جديداً لا يعرفه وينجح فيه.
كانت فلسفة "شونغ جو" نابعة من قناعات راسخة، وهي أن الإنسان يجب أن يسعى دائماً إلى تطوير حياته، وأحلى شعور هو إيجاد وظائف ومهن وعمل لآلاف الأشخاص يعيشون منها ويسهمون في نهضة بلادهم.
كان تركيزه الدائم على الأبحاث والتطوير، وكان يؤمن بأن كل ما يستطيع الإنسان تخيله أو تصوره يستطيع أن يحققه، وإن تأخر هذا الأمر فهذا لا يعني أن يستسلم الإنسان لذلك وندب حظه.
يعتبر "شونغ جو" رجلاً اجتماعياً من الدرجة الأولى حيث لعب أدوارا في جمعيات ولجان شعبية ورياضية، وأسهم في تطويرها، كما أسهم بشكل فعال في نجاح أولمبياد سيؤول عام1988، وكان من ضمن اللجنة المنظمة للأولمبياد.
كان أول كوري جنوبي مدني يقيم علاقات مع دول شيوعية منها موسكو، ولعب دوراً مهما في بناء علاقات اقتصادية وتجارية بين كوريا وهذه الدول.
دفعه طموحه لترشيح نفسه لرئاسة كوريا عام 1993، بعدما أسس حزباً سياسياً عام 1992. وعلى الرغم من فشله في الوصول إلى كرسي الرئاسة إلا أن ترشيحه أسهم في طرح عدد من المشكلات الاقتصادية والتنموية.