قصة حياةُ حياة

منذ #قصص اجتماعية

حياة هي أنا في حياةٍ آخر ، حياة هي أنا لو أنني حظيت بحياة ، ربما لو حظيت بحياة كحياة ، لكنت هي تماماً ، الأمر أشبه أن تنظر إلى نسخة أجمل عنك ، هذا ما كان ينبغي أن تكون عليه حياتي ، لولا الحادث واليتم وتشدد الأخ الأكبر ، والشعر والحب والزواج وأشياء أخرى بهذه البساطة ، الناصعة العارية

صديقتي حياة :
حياة امرأة بشعر قصير ، تجاعيد لطيفة حول الفم ، تنفرط عندما يطلق وجهها ابتسامة ، مثل لغة سرية ، ترتدي قميص أبيض قطني بأزرار ذات كلابات ، جينز شاحب الزرقة ، يضيق عند الفخذين ، ويتسع عند بطة الساق ، معطف مربوط حول الخاصرة ، بكثير من اللامبالاة لونه بيج ببطانة من الستان البني الداكن

أنا حياة في داخلي :
هذه هي أنا ، لو لم يتم اختطاف حياتي ، أنظر إليّ  في احتمالي الآخر ، في حياةِ حياة ، ويعجبني ما أراه فيّ عندما لا أكون أنا ، وفيما كانت حياة ، التي هي أنا لو كان بالإمكان تلافي الفاجعة ، حين توفيّ أبي وأمي في حادث السير ، وتركوني للأخ الأكبر ليقوم بسلب حياتي التى كان من المفترض أن أعشيها ، تشّرع لي أبواب غرف بيتها ، وتكشف لي الأماكن السرية للقهوة والسكر ، والشيكولاته الداكنة ، وتقرب لي صحناً مليئاً بالكرز ، وتعرفني على زوجها أحمد ، وابنها مساعد

ألم وغيرة :
فيما كانت تفتح لي أبواب حياتها كاملة ، كان الشيء الوحيد الذي يملأ كياني ويهيمن على أحشائي من الداخل هو الألم ، مثل هاوية لا نهاية لها من الظلام وأشياء أخرى ، الغيرة من حياة ، من حياتها ، من الزوج البشوش الذي يرسم لوحات الفلكلور ، ويأخذها إلى والامسي كل صيف ، والطفل الرائع المشغول بدراجته الحمراء الصقيلة في حوش البيت ، النشاط التطوعي ، والنضال السياسي ، وأشياء كثيرة ، وكثيرة كان ممكن أن تكون لي ، لولا أنني

كرم حياة  :
سألتني صديقتي حياة : هل تعجبك غرفتك ؟ إنها جميلة جداً ، قلتها بعينين تخترقان حاجب وجهي ، وملامحي تفضحني ، ارتعش صوتي وبكيت ، وجلست على طرف السرير ، وكان الغطاء السماوي القطني الناعم ينفذ إلى روحي ، وكانت الأرضية الباركيه ، تبتسم في وجهي وكانت لوحة البحر المليء بالقوارب الشراعية ، تمد لي الصواري ، إنها غرفة زرقاء جداً

حطام داخلي :
وكنت أنا أبكي من سواد قلبي ، قالت لي حياة : لم يفت الأوان بعد يا فاطمة ، قلت لها : اغفري لي ، فاندهشت وسألتني : أغفر لكِ ماذا ؟ ، فأجبتها : النار في داخلي

مواساة حياة :
ابتسمت وسحبت كرسياً وجلست قبالتي ، وهي تمسك بمعصمي بيدين صلبتين : أنت لم تموتين بعد يا فاطمة ! ، قلت لها : لقد سرقوا عمري ، أجابت : أعرف ، سرقوا كل شيء ..كل شيء ، أجابتني حياة : أنتي هنا الآن ، وبوسعك أن تحظي بحياتك كاملة ، أن تكتبين وأن تسافرين ، و أن تعشقين ، أما بالنسبة لما اختبرته ، وما عشته من قبل ، هي الحقيقة التي تكشفت لك وحدك ، الوجه المخيف للعالم الذي جابهته وحيدة ، هذه المعرفة التي توجد في داخلك ، و لا توجد في داخل أياً منا ، صدقيني يا صديقتي …كلنا نحسدك عليها .!

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك