إنها صورة مؤلمة ، وقاسية عن ويلات الحروب ، وما تخلفه وراءها من الدمار على كافة الأصعدة ، دمار البنية التحتية للبلاد ، ودمار الأنفس البشرية بين قتيل ، وجريح ، واستنزاف طاقات البلاد ومواردها ، والذي يؤثر على الأحياء وظروفهم الاقتصادية والمعيشية ، وبطلة قصتنا اليوم هي فتاة يمنية ، هي رمز لما يمر به اليمنيون اليوم ، من جوع ، وفقر ، وخوف
الفتاة اليمنية سعيدة أحمد بغيلي ، وقصة مرضها ؟
هي فتاة يمنية ، أصلها من مديرية التحيتا ، وهي إحدى مناطق تهامة ، في محافظة الحديدة في الغرب ، وهي من أخصب مناطق اليمن لوفرة محاصيلها وجودتها ، ولكن ماذا حدث اليوم ؟ لقد أصبح أبناؤها يموتون جوعا ، بعد ثلاثة أعوام من سيطرة ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح عليها ، وفرضهم الحصار على أهلها
شهرتها على وسائل الإعلام :
أشعلت صورها مؤخرًا وسائل الإعلام العربية والعالمية في آن واحد ، نظرًا لوزنها المخيف ، عندما كان وزنها لا يزيد عن بضع كيلو جرامات ، لمعاناتها من مرض سوء التغذية ، وذلك مثال بارز للأزمة الإنسانية التي يمر به اليمن الحبيب ، وهي صفعة حقيقة لضمير الإنسانية
سعيدة ليست الحالة الوحيدة إنها أزمة حقيقة :
نحن نواجه مأساة حقيقة عندما نتحدث عن أزمة الغذاء في اليمن ، فحالتها ليست سوى نذير بين يدي مأساة حقيقة ، فهي واحدة من بين 17 مليون مواطن يمني أي نحو 60% من إجمالي السكان ، يعانون انعدام الأمن الغذائي ، منهم 9
8 مليون مهددون بخطر المجاعة والموت جوعًا
تعد الأزمة في اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم حسب تقارير الأمم المتحدة الأخيرة ، وأوضحت تقارير منظمة اليونيسف أن ما يعادل مليون طفل دون سن الخامسة من العمر يعانون سوء التغذية الحاد والمتوسط ، ووفق تقديرات دولية ، فإن أكثر من 16% من إجمالي المهددين بخطر الموت جوعا ، هم في الحديدة ثالث أكبر المحافظات اليمنية من حيث السكان خاصة تهامة
حالة سعيدة اليوم ومأساة أهله في تهامة :
قد يكون تسليط الأضواء عليها من أهم العوامل التي أنقذت حياة هذه الفتاة ، فبعد عام على تلقيها العلاج من سوء التغذية ، دبت فيها الحياة من جديد ، وأصبح وزنها الآن 36 كيلوجرام ، لكن المئات غيرها لم يحظوا بالفرصة التي نالتها ، وماتوا بعيدًا عن أعين وسائل الإعلام ، وآلاف بانتظار ذات المصير
سعيدة اليوم :
يقول والدها إن وزنها اليوم في تحسن ملحوظ ، بالمقارنة مع وزنها في أكتوبر الماضي ، قبل عام كانت هذه الفتاة عاجزة عن الكلام والحركة بجسدها الهزيل ، أما الآن فقد اشتد عودها بعد أسابيع من الرعاية المتخصصة ، وقضاء فترة في بيت أسرتها ، مع محافظتها على نظام غذائي جيد ، مع مراعاة عدم قدرتها على البلع ، فاعتمدت على الحليب ، والعصير ، والتفاح
معاناة والد سعيدة تعكس معاناة أهل تهامة جميعهم :
حيث يؤكد الناشطون ، أن معظم الأسر في تهامة بالكاد تجد قوت يومها ، وتحتاج إلى الإغاثة والتدخلات الصحية العاجلة ، مؤكدين أن الميليشيات تفرض حصارًا خانقًا على المواطنين في تهامة بصورة غير مباشرة
حيث توقفت الكثير من المزارع بسبب انعدام المشتقات النفطية وبيعها بالسوق السوداء بأسعار باهظة ، أما والد سعيدة فيخشى على بنته وعائلته من عدم توفير الاحتياجات الأساسية في قرية تعاني من الجفاف وتسوء حالة ابنته مرة أخرى
تحسن في رحلة سعيدة العلاجية مع خوف من عدم استكمال علاجها :
وتستطيع الفتاة بشكل عام مساعدة والدها في المعيشة من خلال رعاية الماشية لأحد المزارعين مقابل حصولها على الحليب ، ويعمل والدها على زيادة دخل الأسرة من خلال توصيل الطلبات على دراجته النارية ومن خلال التبرعات التي يحصل عليها من المنظمات الإنسانية
ومع ذلك يقول إنه لا يملك من المال ما يكفي لإرسال ابنته لتلقي المزيد من العلاج ومازال قلقه على صحة طفلته يتزايد ، حيث كانت آخر مرة فحصها طبيب في ديسمبر الماضي