تعد هذه القصة من أكثر القصص التي تبين قيمة الأخ ، وتوضح قوله تعالى :{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَٰنًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } (سورة القصص، 35) ، فالأخ هو مصدر القوة والأمان ، وهو من يخشى على أخيه من أي شر ، فالله سبحانه وتعالى لم يختر من الأقارب لشد العضد سوى الأخ ، فصلة الدم من أكثر الصلات صلابة ومتانة ، فقد تنتهي الصداقة ، ويضيع الحب ولكن رابط الدم لا يفنى مهما حدث
ويحكى أن أهل قرية كان لهم بئر يشربون منها ، وحدث أنهم كلما أدلوا دلوهم داخل البئر ليجلبوا منه المياه خرج الحبل بلا دلو ، فتعجب القوم وظنوا أن البئر مسكونة ، ولكنهم عاودوا الكره ، وكلما أدلوا دلوهم خرج الحبل خاويًا ، فأصبح الأمر مصدر قلق وإزعاج في القرية لجهل أهلها بسبب ما يحدث بالبئر
وقالوا فيما بينهم لا بد أن يدخل أحد إلى هذه البئر ويأتينا بخبرها ، فأبى معظمهم أن يدخلها خوفًا من مغبتها ، إلا أن واحدًا منهم تبرع لتلك المهمة ، ووافق على أن يربطوه بحبل ويتدلى داخل البئر ليعرف سرها ، وبعدها يسحبوه ليخرجوه منها ، ولكنه اشترط أن يمسك أخوه معهم طرف الحبل
فاستغرب أهل القرية من شرطه وطلبه ، فهم مجموعة من الرجال الأقوياء ، ويستطيعون بمفردهم القيام بتلك المهمة على أكمل وجه ، وحاولوا إقناعه بذلك لكن دون جدوى ، فلم يكن أخوه حاضرًا في ذلك الوقت ، فما كان منهم إلا أن وافقوا على طلبه ، وأتوا بأخيه ليمسك معهم طرف الحبل ، ولما حضر نزل الرجل في غياهب البئر ليكشف سرها ويعرفها سر اختفاء كل دلو يدلوه
وتعجب الرجل حينما وصل للبئر فقد وجد قردًا بالداخل هو الذي يفك الدلو حينما يدلوه في قلبه ، فحمل الرجل القرد على رأسه ولم يخبرهم بذلك ، وقال لهم اسحبوا الحبل ، فلما دنا منهم نظر الناس فوجدوا شيئًا غريبًا خارجًا من البئر ، فارتاعوا لشكله وظنوا أنه شيطان ، فتركوا الحبل يسقط وولوا هاربين ، ولم يبق أحدًا ممسكًا به سوى أخوه ، هو وحده الذي ظل متمسكًا به خوفًا على أخيه من السقوط
وحينما خرج الرجل من البئر عرف الجميع سر تصميمه على وجود أخيه معهم ، فقد كان واثقًا أنه لن يتركه مهما حدث ، حتى وإن تركه الجميع ، ولولا وجوده فعلًا معهم لسقط في البئر ومات عندما تركوا الحبل وولوا هاربين ، فقد كان الأخ هنا سببًا لنجاة أخيه