قصة الجندي المجنون

منذ #قصص اجتماعية

عباس جندي مجنون ساقوه إلى الخدمة الالزامية للقتال ، في الجبهة ضد إيران ، رغم أن أهله عملوا جاهدين على إعفائه من الخدمة ، ولكن سدى ، فالأطباء أجمعوا أن عباس قادر على حمل السلاح ، لأنه يميز الأيام كالخميس من الجمعة ، ويعرف أيضا الألوان وبدون صعوبة ، وما هو بمجنون

الجبهة :
رفاقه في الجبهة الأمامية كانوا يثابرون على أكل قصعته ، وجعلوا منه سخرية في كل وقت لبساطته ، وعدم اكتمال عقله ، والله الشافي الحافظ ، ورغم جنونه فقد كانت له روح تستولي على نفسه ، وكان حساساً تجاه الحزن وسريع الغضب ، وفي أوقات حزنه ، لم تكن تخفي ظهورها في عينيه ، ولكن رغم ذلك واصل الجنود ممن معه إيذاءه

مضايقات وسخرية :
كانوا ينامون في السرداب المظلم ، الذي ينيره ضوء الفانوس النفطي الصغير ، ويكادون يسمعون أصوات القنابل تنفجر ، و لكن رغم ذلك فعندما يعودون من نهاية القتال ، يأكلون قصعتهم إضافة إلى قصعة عباس ، الذي كان يخفيها عنهم تحت سريره ولكن بدون جدوى ، ورغم ذلك عندما صحا من يومه ذات يوما جائعاً

توجه إلى مكان القصعة ولم يجدها ، فبلغ درجة من الجنون عبر عنها بكلام غير مفهوم ومبهم ، وبكي قليلاً ثم نمت عنه حركات هيستيرية ، وإيحاءات تدل على غضبه وحزنه في آن واحد ، أما الباقون فكانوا يضحكون ويستمرون في السخرية

غضب :
استحالت عينا عباس جمرتين يتطاير منهما الشرر ، وصاح بصوت كالرعد : أرجو من الله ، أن ينسفكم بيوم واحد ، زاد دعاءه سخرية زملاؤه ، ثم تغطي كل واحد بلحافه وناموا ، دامت هذه الحالة عدة أشهر

تفكير شارد :
حتى جاء يوم من الأيام ، وأحس عباس بالضيق لقضاء حاجته ، وعليه أن يذهب الى الخارج بعيداً عن السرداب ، فحمل ابريق الماء وخرج وترك الجميع نياماً ، وقد ثابر هذه المرة بإخفاء القصعة عنهم تحت السرير ، يغطيها ببعض أوراق الصحف اليوميه التي كانت تصل الجنود آنذاك ..وجلس يقضي حاجته ، ثم أخذه التفكير بعيداً ، فهو مسلوب الارادة ولا يتمتع بالذكاء الوقاد كباقي البشر ، فالكل يسخر منه ، إنه سيرجع بعد قليل ، ولكن ماذا لو لم يجد قصعته ؟ سيكون على صراع مع الجوع ، إذا تألبت عليه عوامل سوء الحظ

القذيفة والسرداب :
وفي الوقت الذي كان يفكر في مصيره بين رفاقه ، فجأة هوت قذيفة من بعيد على السرداب ولحسن حظه كان بعيداً ، فانكمش بغتة يتقي شر خطر الموت الآتي ،في حين جعله هواء القذيفة يطير بعيداً ، وكانت كافية بإصابته بجروح

حسن الحظ :
بعد لحظات من سقوط القذيفة ، أفاق عباس بعد أن جمع قواه ، ومسح الدماء عن وجهه المغبر ، ثم نهض وركض نحو السرداب المدمر ، وصل إلى المكان الذي تدمر بفعل القذيقة ، حملق في الظلام إلى السرداب

الدمار والانتصار :
ثم دخل إلي مدخل السرداب فانتفض مذعوراً ثم صاح : قصعتي ، وجد بعد دخوله السرداب المدمر بفعل خراباً وناراً ، تأكل المجال فلم يهتم بالمشهد ، فالجميع قد لقوا حتفهم ، فاستهدى فوراً إلى سريره المغطى بالتراب

ثم أخرج من تحت السرير القصعة ، التي كانت سالمة لا يغطيها سوى أوراق الجريدة والتراب ، وبدأ يعمل جاهداً ، بإزاحة التراب عنها ، ثم هرع بالقصعة إلى الخارج بسبب ألسنة النار والدخان ، الذي كاد أن يخنقه

توقف عن السعال ، فتوجه بنظره الى السرداب و حملق فيه ، فأشتد قسوة على المنظر كأنه يستشف ما حصل ، ثم زمجر كأسد هصور ، كأنه يهم بفريسته ، ينظر الى قصعته بنظرة من السعادة ، فنهض وخاطب زملاؤه الموتى : حذرتكم ولم تنصتوا ، أنا عباس فاحذروا دعوتي أيها الأغبياء ..

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك