لينا الابنة المدللة لرجل الأعمال الشهير ، والتي تأتيها طلباتها بمجرد أن تفكر بها فقط ، كانت لينا الآن قد بلغت العقد الرابع من عمرها ، وبدأت العمل في شركات والدها ، ومشاركته لأعماله عقب انفصالها عن زوجها ، بسبب الإنجاب وسوء معاملته لها ، وقررت أن تبدأ حياتها من جديد ، وألا تخسر ما تبقى لها من العمر
كانت لينا تعرف أنها جميلة ، وأنها محط أنظار الجميع ، خاصة وأن والدها رجل أعمال ، وسياسي مرموق يمكنه أن يصل ، في أية لحظة لكل ما يريد ، من خلال هاتفه فقط وبضغطه على بضعة أزرار ، من هاتفه النقال
عشاء عمل :
تأنقت لينا وذهبت برفقة والدها ، وبعض من مدراء شركته ، من أجل حضور عشاء عمل بأحد الفنادق الشهيرة ، كانت تأخذ اللب وبحق في هذا المساء ، وخلال جلستها برفقة من أتوا ، جاءها النادل وهو يحمل لها ، ظرفًا مغلقًا ولكن ما أن شاهدت الخط ، وتأملت الحروف والتوقيع على ذيل الرسالة ، حتى انتفض قلبها بشدة ، وطوت الرسالة ووضعتها في حقيبتها وقد انتقل بها الزمن في تلك اللحظة ، إلى مرحلة الجامعة
ذكريات :
كانت لينا تفكر طوال الطريق ، وتتذكر هذا الاسم (يحى) ، تنهدت المسكينة وتذكرت حبيبها القديم ، كان وسيمًا وكل الفتيات ، يأملن في مصافحته فقط ، بينما كان ينظر لها هي وحدها بشغف ، كان يحى شاب ذو شخصية قوية وطموحة
بالإضافة إلى كونه من عائلة مرموقة أيضًا ، فوالده كان سياسيًا كبيرًا ، وكانت والدته إحدى سيدات المجتمع ، وهو ابنهما الوحيد ، بالطبع قد يشعر البعض بأن هذا الشاب ، لابد أن يصير مدللاً وأنه قد يكون فاشلاً ، ويحقق إنجازاته بمكلمة هاتفية من والده ، للأشخاص المعنيين بكافة أموره
إلا أن يحى كان شابًا متميزًا ، امتاز بروحه المرحة بالإضافة إلى قوة شخصيته وجاذبيته ، وإصراره على النجاح ، فدخل إلى كلية الحقوق بمجموع متميز ، واجتهد بدراسته حتى صار أستاذًا جامعيًا ، لم تكن لينا تفكر في تركه قط ، ولكن أصر والدها على تزويجها من شاب آخر ، لديه بعض المصالح مع والده ، وأتم الصفقة رغمًا عنها
والآن وبعد أن جنت ما زرعه والدها ، وانفصلت عن هذا الشخص ، تأتيها رسالة من حبيبها يبلغها شوقه ، ويسألها عن حالها ويخبرها أنه قادم ، ويرغب في رؤيتها في أقرب وقت
لقاء غريب :
انشغلت لينا وتناست أمر الرسالة ، إلا أنها فوجئت عقب مرور أسبوع فقط ، برسالة أخرى من حبيبها ، يخبرها أنه ينتظرها بفيلا والدته ، في العنوان التالي وأخبرها بالعنوان وطلب منها عدم التأخير ، اندهشت لينا لتلك الصرامة على الرغم من شعورها ، ببعض المشاعر في كلماته ، إلا أنها لم تنس هذا الحبيب قط ، وتأهبت للقائه أخيرًا ، عقب عشرين عامًا من الفراق
وصلت لينا إلى الفيلا التي طالما شاهدتها من قبل ، وهي تقود سيارتها على الطريق منذ سنوات ، ومجرد أن هبطت من سيارتها ، حتى وجدت يحى مستقبلاً لها ، بابتسامته المعهودة أمام باب الفيلا ، فركضت نحوه واحتضنته ، شعرت لينا بقشعريرة وبرودة شديدة ، تسري بجسدها بمجرد أن احتضنت يحى ، ودعاها هو إلى دخول الفيلا ، جلسا سويًا وأخذا يتبادلان أطراف الحديث ، وأخبرها أنه مشتاق لها بشدة ، ثم انصرف ليحضر لها شراب ما
هبّت لينا واقفة أثناء مرور يحيى أمام المرآة ، هل هذا حقيقي ؟ لابد أنها تحلم أو أن المرآة ليست مصقولة كما يجب ، يحى ليس له انعكاس صورة بالمرآة ! فجأة انفتح باب الفيلا ، ودخلت والدة يحى وهي تنظر إلى لينا بدهشة ، وسألتها كيف دخلت فأجابتها أنها قد أتت لرؤية يحى ، فاندهشت الأم مرة أخرى وأجابتها يحى !تلعثمت لينا من الموقف ، وأخبرتها أن يحى قد أرسل لها رسالة ، وأخبرها فيها بموعد قدومه وأنه يرغب برؤيتها ، فجلست الأم مصدومة ودموعها تنهمر كالمطر ، لقد مات يحيى بحادث طائرة أثناء ، سفره في بعثة تابعة للجامعة ، منذ عشرين عامًا !