نعيش في مجتمع به من العادات والتقاليد ما هو واجب ولا غنى عنه ، وما هو دارج ولا صحة فيه ومن العادات الدارجة التي قد لا تمت للصحيح بصلة عادة زواج الأخت الكبرى قبل الصغرى ، لقد تربينا على أن زواج الصغرى قد يفسد الأمر على الكبرى ، نسينا أن الزواج قسمة قسمها الله ونصيب وزعه على عباده في الأرض
لنا في هذه القصة عبرة وعظة فهي تبعث الأمل في النفس ، وتوضح عظمة الاستغفار وقدرته على صنع المعجزات وكيف يمكن أن يتحول الإنسان من لا شيء إلى كل شيء إذا اقترب من الله ونقى سريرته ، تحكي لين قصتها وتقول :ولدت في أسرة كنت فيها أكبر الأولاد والبنات ، درست وتخرجت من المدرسة الثانوية ولكن لسوء الحظ لم يرزقني الله بمجموع كبير رغم أني على قدر كبير من الذكاء ، وهكذا ضاع حلمي في أن أصبح طبيبة ولكن قدر الله وما شاء فعل
بعدها جلست في البيت مثل أي بنت أحلم بالفارس المنتظر الذي يأتي على جواده الأبيض لكي يأخذنني بعيدًا ، ولكن مرت السنوات واحدة تلو الأخر وكل من يجيء لخطبتي يذهب بلا رجعة ، تزوجت صديقاتي وصرت الوحيدة فيهن التي لم تتزوج ، فتنكرن لي وابتعدن بسبب مشاكل الحياة وإنجاب الأطفال
لازمت غرفتي شهرين وتغيرت ملامحي وأصاب الهزال جسدي ، فرغبتي في الأكل كانت معدومة بسبب ما يحدث لي ، ظللت على هذا الحال فترة حتى جاء يوم عصيب تقدم فيه شاب لخطبة أختي التي تصغرني بسنتين ، ووافق والداي !لم أفرح ، كرهت نفسي وتضايقت كثيرًا من أختي من والداي ، كيف يوافقا على زواج الصغرى قبل الكبرى ، ألا يعلمان أنهما بهذا سيضرونني ، فمن سيتقدم لخطبتي بعد الآن ، بعدها تغيرت معاملتي مع أختي فقد كنت أقسو عليها وأصرخ في وجهها كلما اقتربت مني أو توددت إليّ
حاولت مغالبة دموعي كثيرًا ولكنها كانت تكشفني ، كنت أبكي في الحمام بالساعات ، تحولت إلى كائن بشع حاقد ناقم أخذت أقارن بين نفسي وبين أختي ، لماذا هي تتزوج وأنا لا ؟ فهي ليست أجمل مني غرقت في المقارنات ونسيت أن الزواج قدرٌ من ترتيب الله عزوجل
لم يسلم أحد من أذاي حتى أمي كنت أحملها الذنب وكل مرة أراها فيها أخبرها أنها من جنت عليّ ، لدرجة جعلتها تدعي وتقول : اللهم زوجها كي أرتاح منها ، اقترب موعد عقد القران وأنا على حالي ناقمة حاقدة ، خاصة بعد أن تم دفع مهر أختي
فقد كنت أسمعها تقول سأسوي كذا سأشتري كذا ، كنت أتلصص عليها وقتها وأبكي ، كان الأهل والأقارب يتصلون بنا لكي يباركون زواجها ، كنت أتخيلهم وهم يسألون عني ولماذا لم أتزوج ؟شعرت بالمرض جسمي عليل وقلبي ذليل ، كنت كل يوم في مشاحنات معهم بسبب أو دون سبب ، صممت على ارتداء فستان عاٍر ووضع زينة صاخبة ورسم الحنة مثل العرائس ، ولكن أهلي لم يوافقون فزادت خلافاتي معهم
تمنيت أن يفسد كل شيء وتنتهي الخطبة حتى قبل الزفاف بأربعة أيام ، بعدها تغير كل شيء فقد جلست مع نفسي وحاسبتها لأول مرة منذ خطبة أختي ووجدتها مخطئة فعاتبتها وقومتها وأخذ أصلي واستغفر الله ، أكثرت كثيرًا في الاستغفار ودعيت ربي أن يغنيني بحلاله عن حرامه
أتى موعد الزفاف لبست الثياب الجميلة ووقفت إلى جوار أختي ، أخذتها إلى أفضل مراكز التجميل وساعدتها في ارتداء ثياب العرس ، ورقصت معها في الحفل فكانت مثل البدر في تمامه وكنت أنا نجمة تحلق في حفلها
كل من كان يراني يومها كان يظن أنني الأصغر ، حتى حينما هاتفت صديقاتي ودعوتهن لحضور زفافها تعجبوا عندما علموا أنها الأصغر ، ولكني حدثتهم بكل ثقة وفرح فعلموا أن السن لن يفرق بيننا ، كما أنني قدمت في أحد الكليات الصحية وتم قبولي فأخذت أدرس حتى تخرجت بتقدير جيد
وفي أثناء ذلك تمت خطبتي أربعة مرات ولكن لم أجد نفسي مع أي منهم إلى أن عوضني الله بعد زواج أختي الصغيرة بسنتين برجل صالح أحبني وجعلني تاجًا يضعه على رأسه ، شعرت أن الله يربت على كتفي به ويقول هذا ما صبرتي لأجله ، لقد كان أعظم هدية من الله سبحانه وتعالى لي
لهذا قررت أن أخبركم بقصتي حتى تعلمون أن في الصبر مفتاحًا كبيرًا للفرج وإنها إن ضاقت حلقاتها لا بد يومًا وأن تفرج ، فالله سبحانه وتعالى حسنا على حسن الظن به والاستغفار لقضاء الحوائج لهذا استغفروا الله كثيرًا