عاشور بائع الخبز ، رجل مُطّلع على مجريات الأمور ، لذلك عندما طلب الشرطي من عاشور ، أن يأتي معه إلى القسم ويدلي بأقواله في بلاغ مقدم ضده من صاحب سيارة ملاكي ، ادعي أن تروسيكل عاشور خبط له الجانب الأيمن ، لم يتوقع الأمين أبدًا أن يقول له عاشور : لا تأخذنني يا أفندم ، لم آتي معك ، إلا إذا اطلعت على هاتفك الجوال أولاً
مصاف الخطرين على الأمن :
عندما استوضح الشرطي من عاشور ، معنى كلامه : أنت تسخر مني ؟ ، قال له عاشور شارحًا له ما يقصد : لأن هاتفك الجوال يوجد به كاميرا ، فلن آتي معك ، اقتلني أفضل من الفضيحة ، أبويا لو رآني متصور عاري هيموت
لسبب غير مفهوم ، لعله بنية عاشور الجسدية الهائلة ، التي ربما جعلت اصطحابه إلى القسم بالقوة أمرًا متعذرًا ، أو لعله تعاطف خفي نبع من الأصول الريفية التي تجمع عاشور والشرطي ، أو ربما لسبب آخر لا يعلمه إلا الله ، قرر الشرطي أن يشرح لعاشور خطورة مقاومته انتهاك حقوقه الآدمية ، وهو أمر لن يضعه فقط في مصاف الخطرين على الأمن ، بل سيضعه في رأس الضابط شخصيًا !قوة ضبط وإحضار :
وبدلا من أن يتم أذاه بالضرب أمام صاحب السيارة ، الذي سيتحرر له محضر لكي يذهب به إلى شركة التأمين سيصبح عاشور وجسده زبونين دائمين على القسم ، وساعتها لن آتي إليك وحدي يا ابن والدي .. سوف تتشكل لك قوة ضبط وإحضار ، وأنت لست بقدر هذا الافتراء
اقناع الشرطي لعاشور :
لم يطمئن قلب عاشور إلا بعد أن أقسم له الشرطي ،أن الأمر لن يصل حد تصويره عاري ، ولو تطور الأمر لا سمح الله إلا ما هو أسوأ من ذلك ، فان الضابط لن يستطيع تصويره ليس فقط لأن الإضاءة في القسم ضعيفة ، بل لأن هاتف الضابط محجوز في التوكيل لأكثر من يومين لإصلاحه
آمنًا مطمئنًا :
عندما دخل عاشور إلى قسم الشرطة آمنا مطمئنًا ، بصحبة الشرطي ، أصابته حالة هياج مفاجئة ! لمّا شاهد الضابط ممسكًا بهاتف جوال فخم في يده ، وبينما كان عساكر القسم يحاولون احباط محاولة هروبه بأعقاب البنادق ، كان الشرطي يقول لعاشور بصوت هامس ، وقد آلمته نظراته الناضجة بإحساس الخديعة : يا حمار اهبط ، هذا هاتف صاحب السيارة ، الذي قدم البلاغ ضدك ، والضابط يشاهد عليه الاصدارات الحديثة الموجودة به
جريمة بشعة :
عندما اقترب الضابط من عاشور الملقى على البلاط يحاول كتم أوجاعه ، صرخ عاشور بعزم ما فيه قائلاً : أقبل يديك يا حضرة الضابط ، لا تصورني ، افعل بي ما تريد ولا تصورني ! بعد أن فهم الضابط من الشرطي الذي اصطحب عاشور للقسم ، أسباب مخاوف عاشور جن جنونه ، لأن عاشور افترض فيه أنه وحش خال من الآدمية
ويمكنه القيام بعمل بشع مثل ذلك ، فهذه جريمة بشعه لا يقوم بها إلا أصحاب النفرس المريضة ، الذين يشوهون مهنة الشرطة ، ولذلك قرر أن يؤدب عاشور بالقيام بضربه بسلك المسجل لكي يتوقف عن الظن السيئ ، الذي يجعله يظلم الناس بدون وجه حق
من خشاش الأرض:
وفي الحجز التقى عاشور بسارقين ومشبوهين وأطفال شوارع ، كلهم حاولوا تبريد ناره بدون جدوى ، وحده الذي نجح في ذلك إمام مسجد ينتظر ترحيله إلى الأمن الوطني ، قرأ لعاشور الكثير من القرآن حتى راح في النوم في حجر مولانا ، وعندما صحا أحسن كثيرًا ، سأل عاشور الشيخ عن الذي ألقى بفضيلته في هذا المكان ؟فقال له أنه يدفع ثمن كلمة حق قالها عندما سأله أحد المصلين : هل الحزب الحاكم الذي يحكمنا سوف يدخل النار ؟ فأجابه الشيخ الذي استحضر هيبة الله عزوجل : جاء في الأثر أن امرأة دخلت النار في قطة حبستها ، وإذا كنا بالتأكيد أكرم عند الله عز وجل من القطط ، فبالتأكيد سيذهب الحزب الحاكم إلى النار ، لأنه لا هو أطعمنا ولا تركنا نأكل من خشاش الأرض .. هذا والله أعلم