وصلت إليّ رسالة عبر الواتساب من زوجة تحكي ما حدث لزوجها قبل 15 عام حيث وقعت له حادثة شديدة أعلن بعدها الأطباء أنه توفي دماغيًا ، كانت تقول في رسالتها : تزوجت شابًا يافعًا كان قوي البنية مفتول العضلات مليء بالحيوية والنشاط ، وسيمًا ذا خلق ودين كان بارًا بأبويه مشهودٌ له بالتقي والصلاح ، كنت أحمد الله على هذا الزوج الرائع وقد توج الله زواجنا بعد عام واحد بطفلة جميلة كانت قرة عينٍ لي وله
بعدها انتقل زوجي للعمل بالمنطقة الشرقية فكان يأتي إلينا أسبوعًا ويذهب لعمله أسبوعًا ظل هكذا يروح ويجيء مدة ثلاث سنوات حتى صارت ابنتنا في سن الرابعة ، حتى عام 1395هـ وبالتحديد في اليوم التاسع من شهر رمضان الفضيل ، حيث تعرض زوجي لحادث انقلاب سيارته أثناء عودته إلينا في الرياض
كان الحادث رهيب فعلى إثره دخل في غيبوبة طويلة ، أعلن بعدها الدكاترة وفاته دماغيًا ، فقد تلفت خلايا المخ بنسبة 95% ، كان الحادث مأساوي وكان وقع الصدمة على أبويه المسنين كبيرًا جدًا ، كما أن ابنتنا أسماء كانت لا تنفك تسأل عن أبيد دائمًا
ظللت طيلة خمس سنوات أتناوب أنا وأهله على زيارته ولكن دون جدوى ، لذا أشار البعض عليّ بطلب الطلاق منه بواسطة المحكمة التي كانت ستحكم لي بسبب وفاته دماغيًا ولكني رفضت ذلك رفضًا قاطعًا وقلت : لن أتطلق منه طالمًا مازال موجود على ظهر الأرض ، إما أن أن يدفن كما يدفن الموتى وإما أن يفعل الله به ما يشاء
لم أنتبه لتلك الأفكار واتجهت للاهتمام بابنتي أسماء فأدخلتها مدارس تحفيظ القرآن حتى استطاعت حفظ كتاب الله كاملًا وهي في سن العاشرة فقط ، حينما كبرت قليلًا أخبرتها بخبر والدها التي كانت تسألني عنه دائمًا ، وكانت ابنتي ذات دين فلما تكن تترك فرضًا لله إلا وتصليه بوقته ، وكانت تصلي إناء الليل وأطراف النهار وهي في سن السابعة
بدأت أسماء تذهب معي لرؤية أبيها وكانت تقرأ عليه القرآن دومًا وتتصدق نيابة عنه حتى جاء يوم من أيام سنة 1410هـ ، كانت أسماء حينها تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا ، فبينما نحن عند أبيها قالت لي : اتركيني يا أماه سأبيت ليلتي عند أبي ، فوافقت على طلبها بعد تردد ، وحينما عدت في اليوم التالي لم أصدق ما رأيت !وتقول ابنتي عن تلك الليلة : جلست يومها بجانب أبي وأخذت أقرأ سورة البقرة حتى ختمتها ثم غلبني النعاس ، فشعرت بابتسامة علت وجهي واستيقظت من نومتي وصليت ما يسر لي الله أن أصليه ثم نمت مرة أخرى ، فشعرت أن هناك من يقول لي : كيف تنامين والرحمن يقظان ، استيقظي إنها ساعة إجابة
فنهضت فجأة من نومي وكأني تذكرت شيئًا كنت في غفلة عنه ، ثم نظرت إلى والدي ورفعت يدي إلى مجيب الدعوات وأخذت أدعوه وعيناي تملأهما الدموع : (يا رب يا حي يا قيوم يا عظيم يا جبار يا كبير يا متعال يا رحمن يا رحيم هذا والدي عبد من عبادك الضعفاء ، أصابته الضراء فصبرنا وحمدناك وآمنا بما قضيته له ، اللهم إنه تحت مشيئتك ورحمتك اللهم يا من شفيت أيوب من بلواه ورددت موسى لأمه ، ونجيت يونس في بطن الحوت وجعلت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم اشف أبي مما حل به ، اللهم إنهم أجمعوا أنه ميئوس منه فارفع البلاء والبأس عنه وأرنا فيه معجزاتك يا الله)ثم غلبني النعاس ثانية ونمت قبل الفجر ، فإذا بصوت خافت يقول لي : من أنت وماذا تفعلين هنا ؟ نهضت على الصوت وأخذت أتلفت يمينًا ويسارًا فلا أرى أحدًا بالغرفة ، وإذا بالصوت يتكرر مرة ثانية كان يصدر من أبي ! لقد فاق من موته الدماغي لم أصدق نفسي ، تمالكت بصعوبة شديدة وقمت واحتضنته وأنا في قمة سعادتي
لكنه كان يبعدني ويقول استغفر الله العظيم اتقي الله يا فتاة ، أنتِ لا تحلي لي ، فقلت له يا أبتي إني ابنتك أسماء لم يصدق في البداية ، فقد كان أبي في غيبوبة استمرت خمسة عشر عامًا ولم يشعر بمرور الوقت قط ، خرجت إلى الأطباء على الفور وأخبرتهم بما حدث فلما رأوه تعجبوا وقالوا سبحان من يحي العظام وهو رميم
وهكذا رجع إلينا زوجي أبو أسماء وكان كما عهدته من قبل ، كان سنه قد قارب الـ 46 عامًا ، ورزقني الله منه بولد هو الآن في السنة الثانية من عمره فسبحان الذي رده لي سالمًا بعد خمسة عشر عامًا واستجاب لدعوة ابنته الصالحة ، لذا أوصيكم ألا تتركوا الدعاء فإنه يرد القضاء