يقال هذا المثل عندما يموت شخص ظالم ويخلفه من هو أظلم منه ، فيترحم الناس على الظالم حينما يروا من يفوقه في الظلم والطغيان ، وقد ارتبط هذا المثل بموت الحجاج بن يوسف الثقفي ، وتناوله الناس ترحما عليه ، وفي سياقه يقال مثلًا أخر : ما تعرف خيره إلا إذا جربت غيره.قصة المثل :
كان الحجاج بن يوسف الثقفي أكثر الحكام دمويًة وسفكًا للدماء ، وقد عانى الناس كثيرًا من ظلمه وجوره ؛ فقد كان يقتل ويسجن ويسلب الأموال دون محاكمة ولا احتكام لشرع أو نظام ، وقد جعله الناس مضربًا للظلم في أمثالهم ، وكان حديثهم دائمًا ، وقد عاش الحجاج حياته على هذا المنوال حتى شعر بدنو أجله ، فدعا ولده ، وجعله نائبًا عنه وأوصاه بعد موته أن يمشى بالنعش في طريق مستقيم من بيته إلى مقبرته حيث الرقود ، وقد كانت شوارع المدينة في عهد الحجاج ليس بها أي استقامة ، بل كانت ملتوية ومعوجة.فسأله ولده عن الطريقة التي يمشي بها في طريق مستقيم إلى حيث رغب ، فقال له الحجاج : إن الطريقة التي يمكنك بها فعل ذلك أن تهدم جميع البيوت التي بيني وبين المقبرة حتى تمهد طريقًا مستقيمًا بيني وبين المقبرة ، ومات الحجاج ، ونفذ الابن وصية والده ، وشق الطريق المستقيم من بيت والده حتى المقبرة ، وجار على بيوتًا كثيرة وهدمها بطريقة تعسفية جائرة دون أي تعويض أو تقدير .فأحس الناس بجور وطغيان أخر يتجدد ويستشري في عهد ابن الحجاج حتى أنهم نسوا ظلم الحجاج نفسه ، ولم يعودوا يذكروا مآسيه ومظالمه التي طالما أحسوا بها وذاقوا مرها ، وشغلهم ظلم ولده وجرائمه عن التفكير فيها ، فبدؤوا يترحمون على الحجاج بن يوسف بقولهم : رحم الله الحجاج عنده ولده ، ومن يومها صارت هذه المقولة مثلًا يضرب عندما يخلف الظالم من هو أظلم منه.