تراثنا العربي الأصيل ، مليء بالحكم والمواعظ والأمثال ، منها ما قيل في بيت شعري قديم فصار مثلاً ، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلاً ، وكلها نتاج مواقف متفرقة ، وما صار منها مثلاً تناقلته الأجيال حتى عصرنا الحالي ، للتعلم والعظة ، ومثلنا اليوم هو المثل القائل : طلب العلم خير من طلب المال .. قيل على لسان أحد الأغنياء في قديم الزمان ، وتدور أحداث قصة المثّل كالتالي .قصة المثّل :
يحكي أنه في قديم الزمان ، كان لأحد الأغنياء ثلاثة أولاد ، فلمّا أحس بدنو قدره ، أحضرهم لديه جميعًا ، وقال لهم : قد دنا الأجل ، وانقطع من الحياة حبل الأمل ، فإذا مت !! فاعلموا هذا الدرس : أوصيكم يا أولادي أولاً بتعلم العلم ، والتمسك بالاستقامة والحلم ، واقتسموا مالي ، وحافظوا عليه ، ولا تسيئوا التصرف فيه ، وحافظوا على صحتكم وكرامتي وكرامتكم … فطلب العلم خير من طلب المال .. فصارت مثلاً .بعد وفاة الوالد وجحود الأخوان الكبيران :
فلما توفيّ الوالد النصوح ، تنازع الكبيران مع الصغير ، واقتسما المال بينهما شطرين ، وأخبراه أنه سرق ، وتركوه صفر اليدين .الأخ الصغير والعمل بالوصية :
فلم يهتم الصغير بذلك ، بل عمل بوصية الوالد ، وعلم أن المال فانِ ، والعلم خالد ، فتعلق بأذيال العلماء الأفاضل ، وشمّر عن ساعد الاجتهاد وسلك سبيل الرشاد ، حتى بلغ الرشد والمراد .حال الأخوان الكبيران وفتنة المال :
أما الأخوان الكبيران ، فقد أغرقهما المال ، وحب المال ، وأوقعهما في أسوأ حال ، بل في أوحال ، حيث أساءا استعماله ، وانتهكا الحرمات ، وعصيا الملك الديان ، واتبعا خطوات الشيطان ، وكانت عاقبتهما الوبال والخسران !.مسامحة الأخ الأصغر والعفو عن أخويه الكبيران :
فلما رأيا أخوهما الأصغر ، قد قام بوصية أبيه وأصبح رافلاً في حلل السعد ، متشحًا بوشاح السؤدد والمجد ، تقدما إليه وقبّلا يديه ، وطلبا منه العفو والسماح ، فقابلهما بكل ارتياح ، وغمرهم بعفوه ورضاه .البيت الشعري المقابل للمثّل ومعناه ، وأنشد الأخ الأصغر يقول :.. رضِينا بالعلومِ تكونُ فينا .. مُخَلدةً وللجُهّالِ مال ..
.. فإنّ المالَ يفني عن قريبٍ .. وإنّ العلمَ باقِ لا يُزال ..