تحدثنا سلفًا عن العديد من طرق الإعدام حول العالم ، وكيف أن بعضها هو الأكثر بشاعة وإيلامًا ، ومنا من اتفق بأنها جزاء لما اقترف المجرمون من ذنوب بحق ضحاياهم ، وآخرون قد رأوا بأنها طرق قاسية للغاية وقد يكون هناك من اتهم ظلمًا ، فيعذب بها مرتين هكذا ، مرة عندما ظُلم والمرة الأخرى عندما تم إعدامه بطريقة تعذب من خلالها كثيرًا .وكثيرًا ما يقف البعض حائرًا بشأن طريقة الإعدام ، وأنه هل يجوز تعذيب الشخص حتى وإن ارتكب أفظع الجرائم ؟ قد لا يكون هذا هو التساؤل الوحيد وإنما هناك تساؤل آخر يطرح نفسه ، بشأن طرق الإعدام ذاتها وهل كانت واحدة منذ القدم أم تطورت؟حضارة الفايكنج :
قد تكون سمعت عن الكثير من طرق الإعدام المختلفة ، وشعرت ببعض الغثيان من العديد منها ، ولكن لعلك لم تسمع من قبل عن طريقة نسر الدم في الإعدام ، تركت حضارة الفايكنج حجرًا يعد واحدًا من أهم وأشهر الآثار التي خلفتها تلك الحضارة ، ويوجد هذا الحجر في جزيرة جوتلاند في السويد.وجدير بالذكر ، أن حضارة الفايكنج كانت من أكبر الحضارات البارزة في شمال أوروبا ، وجمعت مناطق كبرى مثل أيسلندا ، والسويد ، والنرويج بداية من القرن الثامن وحتى القرن الحادي عشر.وعُرف عن شعوب الفايكنج أنهم محاربون دمويون ، يؤمنون بالقوة ، ويؤكد المؤرخون أن مثل هذه الحقيقة قد تعود للظروف الصعبة التي عاش بها هؤلاء القوم سواء الأرض أو المناخ ، وكان لديهم العديد من الآلهة المقدسة ، إلا أنهم كثيرًا ما خضعوا بقوة لأودين إله الحرب ، فكان هو إلههم الأعظم ، وكان في تلك الفترة دخول جنة المحاربين بعد أن يُقتل المحارب في ساحة المعركة ، وتُدعى تلك الجنة باسم فالهالا ، وهي تعني الجنة التي يجتمع بها الآلهة مع كافة المحاربون ؛ حيث مات المحارب بشرف مدافعًا عن أهله ، وعرضه ، وموطنه ، وأرضه.فكانت حضارة الفايكنج قائمة على مبدأي الشرف والقوة ، هذان المبدآن اللذان دفعا كافة الشعب للمحاربة من أجلهما ، وكانوا على استعداد تام للتضحية وتحمل كافة أنواع الألم من أجلهما ، سواء أكانوا رجالاً أم نساء ، فقد كان الجنسين كلاهما محاربًا ، مما أعطاهم القوة في إحدى الفترات حيث استعمروا قارة أوروبا وحصدوا كنوزها كاملة ، وتم تخليدهم تاريخيًا باعتبارهم من أقوى الحضارات التي ظهرت حول العالم.وبالطبع حضارة بهذا الشكل ، كان لابد أن تكون العقوبة لديهم على نفس القدر من القوة والبأس ، ومن هنا ظهرت عقوبة نسر الدم ، وهي عقوبة متعلقة بالإعدام ، وكعادة تلك العقوبة على مستوى العالم يحضر تنفيذها الملك أو حاكم المنطقة في حال غياب الملك ، وكافة رجال ونساء وأطفال المنطقة ، سواء أكانوا تابعين للشخص المحكوم عليه بالعقوبة أم لا ، بالإضافة إلى الشخص الذي تسبب في الحكم على الآخر بهذه العقوبة أو أحد من ذويه.ويبدأ طقس نسر الدم ، بصلب الشخص المحكوم عليه بالإعدام ، بتقييد ذراعية وكاحليه ، وهو في وضعية الركوع أمام الناس ، ثم تبدأ الخطوات التالية وهو مستيقظًا بالطبع ، حيث يتم شق جلد الظهر بسكين حاد ، ويله العضلات ثم اللحم وخلافه حتى يصل المنفّذ إلى عظام العمود الفقري ، يلي ذلك قيام المنفّذ بتكسير العمود الفقري والضلوع من جهة الصدر من الخلف بالفأس حتى يصل إلى الرئتين ، وفي المرحلة الأخيرة يقوم المنفّذ بإخراج الرئتين من الفتحة التي صنعها في الظهر ويضعهما على كتفي المحكوم عليه ، بحيث تبدو أشبه بالأجنحة ويظل في تلك الوضعية حتى يفارق الحياة .ولم يكن التحدي هنا في عملية الإعدام نفسها ، بل في صمود المحكوم عليه بالإعدام في تلك المراحل بالصمت أثناء التنفيذ ، حتى لا تغضب عليه الآلهة ويُمنع نهائيًا من دخول الجنة نتيجة ضعفه ، فيدفن بطريقة غير مشرفة ولا تجتمع روحه مع أجداده أبدًا.