قصة مخطوطات دونهوانغ

منذ #قصص منوعة

أشياء كثر تم العثور عليها إما مدفونة في باطن الأرض ، أو في قاع المياه وغيرها داخل الكهوف والجبال والتلال ، وقيمة الشيء ليست في مكان العثور عليه وإنما تتجلى في محتواه ومضمونه ، فقدم الشيء أيضًا ليس هو الكنز والكنز دائمًا يكمن في المحتوى ، وهذا ما روته وأكدته قصة مخطوطات دونهوانغ .في عام 1900م بمدينة دنهوانغ في الصين ، اكتشف أحد الرهبان ويدعى وانج يانولا Wang Yuanlu ، كهفًا مغلقًا بإحدى الهضاب ، بالطبع كأي إنسان دفع الفضول هذا الراهب فاقتحم الكهف وذهب بداخله من أجل استكشاف هذا المكان المجهول ، عله يجد كنز ما .تتابعت محاولات هذا الراهب على مدار شهر كامل ، حتى استطاع أخيرًا أن يقتحمه ويدلف إلى الداخل ، وعندما دخل الراهب إلى الكهف المغلق وجد مساحته من الداخل حوالى ثلاثة أمتار في حوالى سبعة أمتار أخرى ، وممتليء عن آخره بالمخطوطات القديمة والتي يبدو عليها أنها نادرة أيضًا ، يمتليء بها المكان من الأرض وحتى السقف.قام الراهب وانج بتجميع ما استطاع أن يحمله من تلك المخطوطات القديمة ، ثم فكر في استثمارها والاستفادة منها ، فقام بعرضها على السائحين من زوار المنطقة وبيعها لهم ، وحتى عام 1908م كانت تلك المخطوطات هي مصدر الرزق الأساسي للراهب وانج ، خاصة أن زبائنه قد تحولوا من مجرد سائحين إلى باحثين في التاريخ من اليابان ، وروسيا ، والدنمارك وغيرهم.تلك المخطوطات التي تم بيعها كانت مهمة جدًا ، ونادرة للغاية ؛ وذلك نظرًا للعديد من الأحداث التاريخية الغريبة والمهمة التي ذكرت بها ، وهي غير مسجلة بوثائق تاريخية أيضًا.
تلك الأهمية الكبيرة لتلك المخطوطات دفعت الباحث وعالم التاريخ الصيني ، لو زينيو Luo Zhenyu للبحث عن موقع هذا الكهف حتى يصل إلى مصدر تلك المخطوطات ، وظل يبحث عنه بداية من 1908م وحتى عام 1910م ، حتى يجمع تلك المخطوطات المبعثرة هنا وهناك.تعرف هذه المخطوطات حاليًا باسم مخطوطات دونهوانغ ، وبلغ عددها المتعارف عليه حتى الآن ما يقرب من خمسمائة ألف مخطوطة ، مكتوبة بعدة لغات مختلفة منها الصينية ، والإيرانية القديمة ، والعبرية ، والسنسكريتية ، وغيرها من اللغات.أي أن المعلومات التي تم خطّها على صفحات تلك المخطوطات النادرة ، تغطي أحداثًا ولغات ووقائع ، في منطقة آسيا بالكامل وجزء ضخم من أوربا ، في هذا الوقت لم يكن من المعروف ما الذي أتى بتلك المخطوطات ، إلى هذا المكان داخل الكهف في باطن الهضبة التي وجدت بها ، ولكن ظهرت عدة نظريات مختلفة بشأن هذا الأمر ؛ فقد افترض البعض أنها كانت مخبأة إبان فترات الحروب ، والبعض الآخر اقترح أنها كانت تتبع أحد الأديرة التي انهارت في تلك المنطقة منذ القدم في يوم ما.تم كتابة تلك المخطوطات بتلك اللغات المتعددة ، ومع فك بعض رموزها تبين أنها تسرد أحداث تاريخية قد وقعت منذ القرن الخامس وحتى القرن الحادي عشر ، بالإضافة إلى بعض الأساطير والأغاني الشعبية القديمة ، وأشعار كتبها شعراء مجهولين ، وبعض الصلوات لديانات مختلفة ، منها ما قد انقرض بالفعل حاليًا .تم نقل باقي مخطوطات دونهوانغ إلى المكتبة القومية الصينية ، ثم تم تجميع أغلب المخطوطات التي تم بيعها مرة أخرى ، ومن ثم الاحتفاظ بها في المكتبة البريطانية ، والمكتبة القومية الفرنسية ، ثم بدأ انطلاق مشروع ترجمتها والمعروف باسم International Dunhuang Project ، هذا المشروع الذي اهتم بتجميع كافة المترجمين من الدول المتحدثة باللغات التي كتبت بها المخطوطات ، من أجل ترجمتها هي ومخطوطات أخرى كان قد عثر عليها في مناطق قريبة من الكهف الذي وجدت به مخطوطات دونهوانغ ، ومع مرور الوقت اتسع المشروع ليغطي سبعة مقرات خاصة به في سبعة دول مختلفة هي ؛ لندن ، بكين ، كيوتو ، سانت بيتسبرغ ، برلين ، باريس ، سول ، و دونهوانغ.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك