عاش في القرن الخامس قبل الميلاد رجل ذكي ومتمكن يدعى سي من باو ، كان له من الحكمة ورجاحة العقل ما جعل الملك يرسله ليتقلد أمور الحكم بمحافظة يه شيان ويصبح الرئيس هناك ، وحينما وصل سي من باو واستلم مقاليد الأمور دعا بعض الشيوخ ذوى السمعة الطيبة لمعرفة مشاكل أبناء المنطقة .فأخبروه أن أشد ما يؤلمهم هو طقس سنوي يحدث في المملكة لاختيار زوجة إله النهر ، وهى مشكلة جعلت محافظة يه شيان فقيرة جدًا وبائسة ، ففي هذه المحافظة التي تقع على ضفة النهر الأصفر حكاية تقول أن في النهر إلها يرسل المياه ويتحكم بالفيضان .وعلى أبناء المحافظة أن يختاروا له كل زوجة كل عام لكي يرضى عنهم ويرسل الخير ، وإلا سيغضب عليهم ويسبب فيضانات تغرقهم جميعًا ، لذلك ظل بعض المسئولين والسحرة بهذه المحافظة يجتهدون في الترويج لتلك الأكاذيب ، ويفرضون المال والرسوم بحجة إرضاء الإله لاقتسامها فيما بينهم .وتركوا أبناء المحافظة يعانون من الظلم الفقر وخاصة الفتيات اللواتي كان يحكم عليهم بالرمي في النهر بحجة إرضاء الإله ، ففي وقت معين من السنة كان هناك ساحرة عجوز تتجول بين الناس لاختيار فتاة جميلة كعروس الإله ، ودائمًا ما يقع الاختيار على واحدة من العائلات الفقيرة .فيتم أخذها من عائلتها قسرًا ، لحين تحديد موعد زواجها من اله النهر، وفي ذلك اليوم يزينون الفتاة ويلبسونها أجمل الحلي ثم يضعونها على بساط من الحصير ، ويلقونها به في النهر، فتغرق الفتاة تدريجيًا حتى تختفي تمامًا ، وبعد ذلك تقيم الساحرات مراسم الاحتفال بهذا الزواج .وفي أحد الأعوام ومع حلول موعد زواج اله النهر ، كان الحكيم سي من باو مع جنوده على ضفة النهر ، ورأى بعض الأغنياء وأصحاب النفوذ والمسئولين بالحكومة ، ومعهم الفتاة المختارة يستعدون لإلقائها في النهر ، وكانت تتزعمهم ساحرة كبيرة السن .فطلب سي من باو رؤية الفتاة المختارة للزواج من إله النهر المزعوم ، وبعد أن ألقى نظرة عليها قال للجميع : إن هذه الفتاة غير جميلة ، ولا تستحق الزواج من اله النهر ، لكن الإله ينتظر لاستقبال زوجته اليوم ، إذن لنطلب من الساحرة أن تزور اله النهر لتخبره بهذا الأمر .ثم أمر الجنود بإلقاء الساحرة في النهر ، وبعد قليل ، قال سي من باو : لماذا لم تعد الساحرة حتى الآن ؟ لنرسل إحدى تلميذاتها إلى النهر لاستعجالها ، ثم أمر بإلقاء تلميذه للساحرة في النهر ، وبهذا الأسلوب ، ألقى الحكيم ثلاث تلميذات للساحرة في النهر .وأعجب الجميع بحكمة هذا الرجل الذي كان يتظاهر بأنه ينتظر باحترام ردًا من إله النهر ، وبالطبع مر الوقت دون أن يحدث شيء فقال الحكيم يبدو أن اله النهر يكرم ضيوفه ولا يسمح للمبعوثات بالعودة ، إذن لنرسل شخصًا آخر لاستعجاله .ونظر إلى المسئولين الذين كانوا يروجون لتلك الأكاذيب ، لكنهم سارعوا بالركوع أمامه وطلبوا العفو منه وعدم الأمر بإلقائهم في النهر ، واعترفوا بكذبهم أمام الشعب فقال سي من باو لجميع الموجودين بصوت عال : (إن زواج إله النهر خدعة ، وإذا روج شخص لهذا الأمر فيما بعد ، فسألقيه في النهر لزيارة إله النهر) .ونجح سي من باو بحكمته في كشف هذه الخدعة التي ظل الناس في الصين يصدقونها فترة طويلة ، وبذكائه حمى فتيات المحافظة من المصير السيئ ، وأدار الحكم بشكل جيد وعاش الناس تحت إدارته عيشة سعيدة وذهب عنهم الفقر والجوع وأصبحوا لا يؤمنون بكل الخرافات .