يُحكى أن رجلًا حكيم كان يعيش مع ابنته الصغيرة روزالي بعد وفاة زوجته أثناء ولادتها ، وكان يخشى على ابنته كثيرًا ويحيطاها بمزيد من الرعاية والعناية ، وكان لدى هذا الرجل ثروة كبيرة وقصر عظيم محاط بحديقة جميلة أسوارها عالية ، وفي أخر الحديقة كان يوجد بيت صغير لا يوجد به أي نوافذ وكان مغلق دائمًا .كانت روزالي تحب اللعب في الحديقة ، وكان يشغلها دائمًا أمر ذلك البيت المغلق ولكن لأن والدها رباها على الطاعة الشديدة ، وكان يمنعها من إلقاء الأسئلة الملحة وغير المجدية ، كانت لا تتكلم في ذلك الأمر ، وبهذا استطاع والدها أن يقنن من صفة الفضول الموجودة عندها .ظلت روزالي على هذه الحال حتى قاربت الخامسة عشر من عمرها ، فطيلة تلك السنوات لم تغادر القصر ذو الأسوار العالية ، ولم ترى شخصًا أخر سوى أبيها فهو من كان يعلمها ويلعب معها ويجلب لها الملابس والطعام ، كان يفعل لها كل شيء ، فتربيت روزالي على هذا ولم تفكر أبدًا أنها يمكن أن تعيش حياة خلاف تلك التي تعيشها .وذات يوم كانت روزالي ترغب في ري أزهار الحديقة ، ولكنها لم تجد وعاء السقي فأخذت تبحث عنه بالجوار ولكنها لم تجده ، فظنت أنه في البيت الصغير الذي يقع في طرف الحديقة مع بقية أدوات الزراعة ، وعلى الفور اتجهت لوالدها وطلبت منه مفتاح البيت .ولكن والدها سألها بدهشة عن السبب ، فقالت له أريد وعاء السقي من هناك ، فرد عليها والدها قائلًا بوجه شاحب وصوت صارم : ولكنه ليس هناك يا روزالي ، فلما رأته روزالي بهذا الشكل : قالت له ما الأمر يا أبي لماذا تغير وجهك حينما سألتك عن مفتاح البيت ؟ فقال لها : روزالي أنت لا تعرفين عما تتحدثين اذهبي وابحثي عن الوعاء في مكان أخر .ولكن فضول روزالي منعها من الصمت ، وقالت له : لماذا إذن تذهب إلى ذلك البيت باستمرار وتمنعني من المجيء معك ، كما أن مفتاحه دائمًا في يدك ولا تسمح بإعطائه لي ؟ فقال لها والدها بصرامة : روزالي أنت تعلمين أني لا أحب أسلوب الاستجواب ، كما أن الفضول الذي لديك هو أسوأ عيب فيكِ ويجب أن تتخلصين منه ، فصمتت روزالي وتظاهر بنسيان الأمر وعدم التفكير فيه ، ولكن الحقيقة أنه كان يشغل بالها دائمًا .وأخذت تقول لنفسها ما الأمر الغامض بخصوص ذلك البيت ولماذا يمنعني أبيمن ارتياده ؟ لا بد أن في الأمر سر ترى ماذا يخفي أبي ؟ هل هناك وحش أو حيوان بري ، ولكني لم أسمع أي هدير يصدر عنه وحتى إن كان موجود ، أبي يذهب إلى هناك كل يوم لماذا لا يهاجمه ؟لابد أنه مربوط بسلاسل قوية ، إذن لا يوجد خطر عليّ إن ذهبت إلى هناك ، ولكني لا أعتقد أنه حيوان هل يمكن أن يكون سجين ؟ ولكن أبي رجل طيب لا يمكن أن يحبس بريء ويمنعه من الضوء والحرية ، لا بد أن اكتشف ذلك بنفسي ولكن أتمنى لو أستطيع الحصول على المفتاح فقط لعشر دقائق .قطع صوت والد روزالي كل تلك الأفكار التي كانت تدور بخلدها ، وهو يدعوها لتناول الطعام فقررت روزالي أن تتظاهر أمامه بالبهجة والسعادة وتتجاهل أمر ذلك البيت الصغير حتى تهدأ من شكوكه وتجعله لا يفكر فيما عزمت عليه ، حتى تحين لها الفرصة وتستولي على المفتاح .وبالفعل جلست روزالي مع والدها إلى طاولة الطعام ، وأخذت تتحدث وتبتسم أما والدها فكان صامت لا يتحدث ، ولكنه رفع رأسه فجأة وقال لها حبيبتي ستتمين الخامسة عشر من عمرك بعد ثلاثة أسابيع ، وأنا سأجلب لك هدية جميلة في تلك المناسبة .مرت الأيام واحدًا تلو الأخر حتى انقضت أربعة عشر يوم ، وبقى يوم واحد على عيد ميلاد روزالي ، فقال لها والدها طفلتي العزيزة أنا مضطر إلى التغيب عن المنزل لمدة ساعة واحدة حتى أرتب ليوم ميلادك ، انتظريني في المنزل واحذري من الفضول لأني قرأت أفكار وأشعر بما يدور في عقلك ، فقط اصبري وستعلمين كل شيء بعد أيام .سمعت روزالي حكمة والدها وخرجت وهي مترددة بين فضولها وطاعتها لوالدها ، ولكنها حينما دخلت غرفة والدها ، فرحت كثيرًا لرؤية المفتاح منسي على الطاولة ، فاستولت عليه وركضت تجاه المنزل الصغير ، وهمت بفتح الباب لكنها تذكرت حكمة والدها حذاري من الفضول فترددت في فتح الباب وقررت العودة إلى القصر .لكنها سمعت همسًا بالداخل فوضعت أذنها على الباب وسمعت صوتًا خافتًا يغني بهدوء في الداخل ، فقالت له من أنت ولما أنت بالداخل ، فقال لها الصوت أنا سجين أسرني هنا أحدهم ، فقالت له روزالي ما السبب وماذا يمكنني أن أفعل من أجلك ؟فقال لها الصوت : أرجوك افتحي لي الباب وسأخبرك بكل شيء ، فحارت روزالي بين فضولها الشديد وطاعتها العمياء ، ولكن انتصر الفضول ووضعت روزالي المفتاح في الباب وحاولت فتحه ولكنها لم تستطيع ، فقررت تركه والمضي بعيدًا ، ولكن عاد الصوت من جديد يقول : إن أبوك ليس كما يبدو عليه افتحي الباب أرجوك وسأخبرك بحقيقته ، هنا أعادت روزالي الكره وأدارت المفتاح وفجأة انفتح الباب ليكشف عن وجه بالداخل .كان الوجه وجه أبيها نفسه الذي تعمد ترك المفتاح ، لأنه كان يعلم أن ابنته لن تستطيع مقاومة فضولها ، وهنا شعرت الفتاة بالحرج أمام أبيها ووعدته بمحاولة التحكم في تلك الصفة السيئة ، فسامحها والدها وأخبرها أن المفاجأة التي حضرها لها هي رحلة بالخارج بعيدًا عن ذلك القصر المغلق ، رحلة ترى فيها العالم ، وتدير بيدها مفتاحه ليفتح أمامها على مصراعيه ، وتتعلم الكثير .