قصة ويبقى الأمل

منذ #قصص منوعة

في أحد غرف الطابق الثالث بالمستشفى كانت الفتاة تستلقي وعينيها على النافذة ، لا يزيع بصرها عنها حتى وإن تحدث معها أحد ، كأنها تنتظر قدوم أحدهم أو رؤية أي أمل جديد ، وما هي إلا لحظات ودخلت أختها الكبرى في حزن ووهن وهي تخطو بخطوات متثاقلة ، كأنها تستجمع نفسها المتفرقة في أرجاء هذا العالم ، وقبل أن تطل بوجهها في وجه أختها رسمت ابتسامة سريعة ، اعتادت أن تضعها مؤخرًا لتخفي ما بها من حزن .وحينما شعرت الفتاة النائمة بوجود أختها خفضت عينيها عن النافذة ورحبت بها بصوت مكلوم ، ثم أعادت النظر ثانية تجاه النافذة فاتجهت أختها على الفور في حالة اتوماتيكية وفتحت الستائر لتنتشر أشعة الشمس في أرجاء الغرفة الكئيبة .هنا نظرت الفتاة النائمة لأختها بنظرة عميقة تجمع بين الرجاء والتساؤل ، حيث أن تلك الفتاة أصيبت بمرض خبيث كان يأكل في جسدها يومًا بعد يوم ، وجعل شبابها يتهاوى أمام عينيها كما تتهاوى أوراق الشجر في منتصف الخريف .وكان أمام غرفة الفتاة مباشرة شجرة وارفة اعتادت أن تنظر إليها وترى فيها نفسها ، فمع سقوط كل ورقة منها كانت الفتاة تذبل وتتأخر حالتها تدريجيًا ، وحينما وصلت أختها ووقفت أمام النافذة كانت تنظر إليها لتعرف كم ورقة ظلت على الشجرة .لتعرف بذلك مدى قرب رحيلها عن تلك الدنيا ، ولكن كانت نظرات أختها لها مطمئنة ، فقد كانت تعلم أن أختها الصغرى تربط حياتها بحياة هذه الشجرة ، فابتسمت لها وقالت : ما زال هناك الكثير .كان لتلك الجملة مفعول السحر حيث بدأت حالة الفتاة النفسية تتحسن ، واستطاع جسدها مقاومة المرض وتدريجيًا مع كل كلمة أمل كانت الفتاة تستجيب للعلاج حتى استطاعت بعد فترة أن تقف على قدميها وتمشي ، فذهبت إلى النافذة وهناك رأت ورقة واحدة بين أغصانها .فبدأ اليأس يدب إلى قلب الفتاة وكانت كل يوم تسأل أختها هل وقعت الورقة ولكنها كانت تجيبها بالنفي ، ظل الوضع على هذا الحال لمدة شهر والورقة ثابتة لا تقع ، والفتاة تتمسك بالحياة وتقاوم المرض حتى استطاعت أن تهزمه بإرادة وإصرار تعجب منهما الأطباء .ورغم شفاء الفتاة وقدرتها على القتال والتحدي إلا أن لغز الورقة التي لم تسقط كان يحيرها ، لماذا سقطت كل أوراق الشجرة وبقيت هذه فقط ؟ هل كانت منحة ربانية أو أمل بعثه الله لها لكي تحارب المرض وتقف ثانية على قدميها .قررت الفتاة الذهاب إلى تلك الشجرة ومدت يدها عبر النافذة لتمسك بالورقة ، وهنا كانت المفاجئة فالورقة الموجودة على الشجرة كانت مجرد ورقة شجر بلاستيكية تشبه الورقة الحقيقية في شكلها ولونها ، علمت بعد ذلك أن أختها هي من ثبتتها بتلك الطريقة لكي تظن الفتاة أنها لم تسقط ، وتظل على قيد الحياة ولا تفقد الأمل في الشفاء .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك