قصة اكتشاف مرض الملاريا

منذ #قصص منوعة

قديمًا كان انتشار الأمراض الطفيلية يعني الموت ، فلم تكن المعرفة الطبية متقدمة في بعض المناطق التي انتشرت بها مثل تلك الأمراض ، وتعد الملاريا (Malaria) واحدة من الأمراض الطفيلية المعدية التي يسهل انتشارها عن طريق البعوض .وتتسبب في تدمير كرات الدم الحمراء الموجودة بجسم الإنسان ، ويتوافق ذلك مع مجموعة من الأعراض أهمها فقر الدم ، والحمى ، وتضخم الطحال ، وهذا يجعله واحدًا من الأمراض الفتاكة  التي تستلزم العلاج دون انتظار .والملاريا تعني الهواء السيئ بالإيطالية mala aria ، وسميت بذلك نسبة لتواجد بعوض الملاريا في المستنقعات والمياه الراكدة ، حتى أن الإنجليز القدامى كانوا يسمونها حمى المستنقعات Swamp fever ، أما العرب فكانوا يطلقون عليها البرداء لأنها تسبب الرعشة الشديدة .والجدير بالذكر أن طرق العلاج القديمة للملاريا كانت مفجعة خاصة في أوروبا ، حيث كانت تشتمل على إراقة الدماء وبتر الأطراف وإحداث ثقب بالجمجمة ، بهدف إخراج هذا الهواء السيئ .تاريخ الملاريا :
كانت طفيليات الملاريا معنا منذ فجر التاريخ ، وربما نشأت في أفريقيا جنبًا إلى جنب مع نشأة البشرية حيث يعود تاريخ وجودها هي والبعوض الناقل لها إلى ما قبل 4 ألاف عام ، وكان أول من وصف مظاهر هذا المرض وربطه بالمياه الراكدة أبقراط ، وهو طبيب يوناني يطلق عليه أبو الطب .كما كتب عنها المؤرخ اليوناني هيرودت في القرن الخامس قبل الميلاد ، وأشار أنها ظهرت في مصر وقت بناء الأهرامات ، وكان العمال يستخدمون الثوم حينها لدرء البعوض وإبعاده ، كما ظهرت أيضًا بعض المراجع والكتابات الصينية المسجلة عبر التاريخ منذ عام 2700 قبل الميلاد ، والتي كانت تتحدث عن ظهور حمى الملاريا .وكان أول تدخل للحد من الملاريا هو الذي قام بهم الرومانيون بتعديل الصرف والاهتمام به ، أما أول علاج مسجل فيعود إلى عام 1600م ، والذي قام الهنود الأصليين باستخراجه من اللحاء المر لشجرة السينتشونا ، التي كانت تتم زراعتها في بيرو .وبحلول عام 1649م توفر لحاء تلك الشجرة بانجلترا تحت اسم مسحوق اليسوعيين ، والذي كان يحتوي بداخله على مادة الكينين الكيميائية التي تسهم في الحد من ذلك المرض .البعوض وانتشار الملاريا :
تطور الأمر بحلول عام 1877م حينما اكتشف الطبيب البريطاني باتريك مانسون أثناء وجوده في الصين ، أن نوعًا من البعوض يمكن أن يحمل الطفيليات التي تصيب البشر ، وبعد عودته إلى إنجلترا في أوائل عام 1890م طور فرضيته عن العلاقة بين البعوض والملاريا ، والتي اقترح فيها انتقال الطفيليات بين البشر عن طريق لدغات البعوض .وقد أكد فرضيته اكتشاف تشارلز لويس ألفونس لافيران ، وهو جراح كان يعمل بالجيش الفرنسي القابع بالجزائر آنذاك ، الطفيليات في دم مريض يعاني من الملاريا عام 1880م ، ونتيجة لذلك حاز ألفونس على جائزة نوبل عام 1907م .أما في عام 1894م فقد قام رونالد روس بإجراء الاختبار التجريبي لنظرية البعوض التي اقترحها لافيران والباحث باتريك مانسون بالهند ، حيث كان روس يعمل بالخدمة الطبية هناك ، وظل بحثه مثمر لمدة عامين عن طفيليات الملاريا في البعوض .حتى وجد دفعة جديدة من البعوض المصاب ، تعرف بالأنوفيل والتي وجد على جدران معدتها صبغات لا تأتي سوى من الدم البشري ، فكانت هذه هي الحلقة المفقودة في أبحاث مانسون ، والتي تبين من خلالها أن البعوض يصاب بالعدوى نتيجة لدغ الشخص المصاب ، ومن ثم ينقلها ، كما استطاع الطبيب الإيطالي كاميلو غولجي تحديد نوعين من طفيليات الملاريا واحدة تسبب الحمى كل يوم والأخر كل ثلاثة أيام .عملية مكافحة الملاريا :
كان الربط بين انتشار الملاريا ونقل البعوض للعدوى هو أول طرق العلاج ، حيث تم عام 1942م اكتشاف المبيد الحشري من قبل بول مولر الحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء ، وتم استخدامه لأول مرة في إيطاليا 1944م ، وحينما أبدى استخدام المبيد فعالية في التخلص من البعوض ، بات أمر انتهاء الملاريا ممكنًا .خاصة مع استنزاف المياه الراكدة ، واستخدام البارافين لقتل يرقات البعوض الأنوفيلية ، مع انتشار الأدوية الرخيصة والفعالة مثل الكلوروكين كل هذا أثمر عن نتائج مثيرة للإعجاب في التصدي لمرض الملاريا .ولكن على الرغم من ذلك ما زالت هناك بعض البلدان التي تعاني من استمرار المرض وصعوبة القضاء عليه ، ولعل للعوامل الاقتصادية والسياسية دورًا فعالاً في ذلك يتعلق بطريق اتخاذ التدابير اللازمة لمقاومة المرض والرقابة على انتشاره .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك