قد نندهش قليلاً ، إذا ما ألمّت مصيبة ما ، بأحدهم وشاهدنا غيره يحاول أن يستغل الظرف والحدث ، ليحقق هو مكاسب ضخمة ، على حساب من تأذى! إلا أن هذا الأمر قد يبدو قديمًا ، وتم العمل به في أغلب الدول ، خاصة في أحلك الظروف والأوقات ، فكان من تاجر بأعضاء قتلى الحرب ، وآخر تاجر بمال من حوله وهم أحياء .المصرفي ماير روتشيلد :
قام المصرفي ماير روتشيلد ، وهو يهودي ألماني ، بأكبر عملية سرقة تاريخية في أوروبا ككل ، وقاما بسرقة بريطانيا وفرنسا معًا ، ليس كأموال شعوب بل كأراض أيضًا .كان اليهودي ماير ، يعمل لحساب بريطانيا إبان فترة الحرب ، وذلك بتمويلها في هذه الفترة ، بينما كان يعمل شقيقه الأكبر ، على تمويل فرنسا في نفس الفترة ، وكان ماير قد علم من شقيقه هزيمة نابليون ، من قبل بريطانيا في حربهما .هنا قام ماير بإحضار غلامًا ، وأعطاه مبلغًا كبيرًا من المال ، ليذهب إلى بريطانيا ، ويشيع أخبارًا كاذبة بأن نابليون قد انتصر ، في حربه ضدهم ، وأنه سوف يأتي إليهم قريبًا ، فهو على الأعتاب .فقام كل من البريطانيون والفرنسيون ، ببيع منازلهم وأراضيهم ، حتى يتخلصوا من نقودهم الانجليزية والفرنسية ، التي سوف تتحول إلى أموال ، عديمة القيمة والفائدة ، حتى أن بعضهم قد باع منزله ، في مقابل رغيف خبز ، يسد به رمقه هو وأسرته ، أثناء الطريق للهروب من الكارثة التي سوف تلاحقهم ، عما قريب كما كانوا يعتقدون .وبمرور الأيام قليلاً ، تم اكتشاف الخداع عقب أن هبطت أسهم تلك المنازل والأراضي ، حيث اشتراها الأخوان روتشيلد من كل من بريطانيا وفرنسا ، بأسعار زهيدة للغاية وثمن بخس ، فلم يعد يهتم أحدهم بالشراء ، واندفع الجميع نحو البيع ، وبالتالي حصل الشقيقان ، على الكثير من المنازل والأراضي ، من أصحابها بالقانون وليس بالإجبار ، حيث أظهرا جانبًا طيبًا من قبلهما ، في حين كان الجميع يتساءل آنذاك ، لماذا يقوم المصرفي ماير ، بعمليات شراء المنازل وأراضي ، سوف يقتحمها الفرنسيون عما قريب ؟ونفس ما حدث مع ماير ، حدث مع شقيقه ، وأصبحت المنازل في فرنسا وبريطانيا ، ملك لعائلة روتشيلد ؛ والتي تعد من أغنى العائلات في العالم ، وذلك بثروة هائلة تقدر بأكثر من خمسمائة تريليون دولار ، إلى جانب تحكم نفس العائلة في الذهب عالميًا ، حيث تملك الأسرة ، حوالي 80% من الذهب العالمي .حرب واترلو وتجارة الأسنان :
استطاع نابليون في عام 1815م ، أن يهرب من منفاه متجهًا صوب فرنسا ، الأمر الذي دفع القوى الأوروبية ، لمحاولة حصاره مرة أخرى ، قبل أن يستعيد جمع شتاته ، ومحاربتهم ثانية ، فحشدوا قواهم جميعًا ، ولاحقوا نابليون في معركة فاصلة ، وقعت في بلدة واترلو ببلجيكا ، وبالفعل انتصروا عليه وهزموه هزيمة ساحقة ، في معركة كبرى خلّفت وراءها أكثر من عشرات الآلاف ، من الجرحى والقتلى ، في مشهد قاتم ومأساوي للغاية .كانت ساحة القتال شديدة البؤس ، وبها الكثير من مناظر الجرحى والقتلى المؤلمة ، إلا أن تلك المشاهد لم تمنع صائدو الفرص ، من الاستفادة من كل هذا التدمير !ذهبت بعض المجموعات من التجار ، إلى ساحة المعركة وأخذوا يقلّبوا ، بين جثث القتلى ولا بأس ، من أجساد الجرحى المتألمون ، بحثًا عما يمكن الحصول عليه ، وبيعه لمن أراد ذلك ، والتكسب من ورائه ، فأخذوا منهم كل شيء ، بداية من ملابسهم وأموالهم وأحذيتهم ، وانتهاء بأهم شيء في هذا الوقت ، وهي أسنانهم !نعم كانت الأسنان في تلك الفترة مهمة للغاية ، حيث كان الجميع يفقدون أسنانهم قبل بلوغهم الثلاثين عامًا من عمرهم ، فكان الأثرياء منهم يبحثون عن أسنان بديلة ، يقومون بتركيبها ، ويتباهون بها أمام من حولهم ، فكان هؤلاء التجار يقومون بالحصول على أسنان القتلى والجرحى ، فكانوا يخلعونها بمقلاع وإذا لزم الأمر ، كانوا يهشمون الفك بحجارة قوية ، ثم يحصلون على الأسنان في جعبتهم .آلاف الأسنان التي تم نزعها ، من أفواه قتلى وجرحى معركة واترلو ، تم بيعها وتصديرها إلى أثرياء أوربا وأمريكا في هذا الوقت .وجدير بالذكر ، أن طب الأسنان في هذا العصر ، لم يكن بالتقدم الكافي ، وكان هذا سر شغف الأثرياء ، بشراء الأسنان البديلة عما فقدوا ، حيث كانت السن تخلع ، بمجرد أن ينال منها التسوس ، حتى أن الفقراء ونظرًا لانتشار تلك العادة ، ودفع الأثرياء لمبالغ مالية باهظة ، كان الفقراء يبيعون أسنان أطفالهم الصغار ، في مقابل الحصول على بعض المال ، الذي يؤمن لهم الطعام والشراب لفترة من الوقت .