لقد قتل الحراس الألمان في ضواحي مدينة زوول صديق الرائد ليو ، فانتقم لصديقه وقتلهم ثم حرر المدينة بأكملها بمفرده ، كان الرائد ليو موهوب بالقيام بالأشياء بمفرده ، تلك الأشياء من شأنها أن تكون مذهلة إذا تم إنجازها من قبل 50 مقاتل في آن واحد ، وعلى الرغم من وجود عين واحدة جيدة لديه ، إلا أن هذا الجندي الخارق للعادة في الحرب العالمية الثانية ، قام في يوم من الأيام بإلقاء القبض على 93 جنديًا ألمانيا من تلقاء نفسه ، ثم تفوق على نفسه بتحرير مدينة بأكملها من الألمان بمفرده .ففي 6 يونيو 1944م هبط الرائد ليو في فرنسا مع بقية الفرقة الكندية ، وكان يبلغ من العمر آنذاك 23 عامًا وهو من مقاطعة كيبيك ، وقد تطوع للانضمام إلى الجيش والخدمة في الحرب العالمية الثانية قبل أربع سنوات ، لأنه كان يسعى إلى محاربة الفاشية وإيجاد المغامرة في الخارج ، وعند هبوطه في نورماندي خاض الرائد ليو طريقه عبر الشواطئ مع بقية الكنديين ، واستولى بمفرده على عربة مدرعة ألمانية ، وكانت تلك علامة على أشياء مقبلة .فبعد بضعة أسابيع ألقى جندي ألماني قنبلة يدوية باتجاه موقعه ، وانفجرت القنبلة اليدوية وفقد الرائد ليو البصر في عينه اليسرى ، وهي إصابة كان من شأنها أن ترسل أي جندي إلى منزله وتجعله يبتعد عن ساحات المعارك ، ولكن ليو لم يكن جندي عادي فقام بوضع عصابة من الجلد فوق عينه المصابة ، وطلب السماح له بمواصلة القتال حيث قال لهم : أنا قناص ولدي عين واحدة جيدة وما زال بإمكاني إطلاق النار .أسر 93 ألماني بمفرده :
ورغم تعرضه لعمى جزئي ، واصل الرائد ليو القتال في فرنسا وهولندا ، وهناك شارك بمعركة شيلدت في أكتوبر
تشرين الأول ونوفمبر
تشرين الثاني من عام 1944م ، وكانت المعركة جزءًا من عملية أكبر لتطهير المناطق الساحلية بهولندا من المدافعين الألمان ، وذلك حتى يمكن جلب الإمدادات لقوات الحلفاء عبر السفن .وقد تم تكليف الجيش الكندي الأول ، الذي كان ليو من بين أعضائه بمهمة القضاء على المقاومة الألمانية حول نهر شيلدت ، وهو نهر طويل يمر عبر البلاد وكان السير في تلك المنطقة بطيئًا في مواجهة التضاريس الموحلة ، التي غالبًا ما تقطعها القنوات والمدافعون المتحصنون ، وعلى الفور بدأت قوات الحلفاء في التصاعد وذات ليلة واحدة وخلال هذا الهجوم ، تم إرسال الرائد ليو لاستعادة بعض الجنود الذين فقدوا في دورية .وحينما كان في مواجهة الألمان في ذلك الظلام الحالك ، ظهرت لدى الرائد ليو فجأة فكرة يمكن أن تسميها إما “متهورة بشكل لا يصدق” أو “شجاعة انتحارية” تبعاً لوجهة نظرك ، حيث انزلق الرائد بهدوء في القنوات المحيطة بالمعسكر الألماني ، وبدأ في السباحة وقد وصف نفسه في وقت لاحق حيت قال : “كنت مثل فأر بالماء .سبح الرائد عبر الماء ودخل في قلب المعسكر الألماني ، وبعد أن خرج من القناة قام بقتل اثنين من الحراس دون جذب أي انتباه ، وبدأ يتتبع المعسكر الألماني ويقترب من مقر القائد ، وعندما اقترب وجد القائد في الداخل نائمًا ، كان القائد الألماني قد غلبه النعاس وراء موقع دفاعي قوي ، وعندما استيقظ وجد أمامه جندي كندي يقف داخل غرفته ، وحينها أخبره الرائد ليو أنه الآن أسير حرب .ولم يسمع القائد مطلقًا صوت إطلاق رصاصة واحدة ، فقط سحبه الرائد ليو من مقره وسار به إلى الثكنات القريبة حيث كان بها 93 جنديًا ألمانيا نائمين أيضًا ، ومع القبض على قائدهم استسلم الجنود بسرعة ، وبعدها حرر الرائد ليو زملائه المسجونين وأخذ معه أيضًا 93 أسيرًا ألمانًيا إلى وحدته في بطولة نادرة .وحاول رؤسائه منحه وسام السلوك المتميز لكنه رفض ، مدعيًا أن الجنرال البريطاني بيرنارد مونتغمري ، الذي كان من شأنه أن يعطي الجائزة كان “غير كفؤ ، لقد كان الرائد ليو يشبه مدفعًا فضفاضًا كان يكره الخطأ والطرق الملتوية ولم يكن خائفًا من أي شيء ، وبالطبع كان ليو حكيمًا ومستقلاً ، وقبل كل شيء كان قاسيًا .وفي فبراير عام 1945م كان الرائد يستقل شاحنة في راينلاند الألمانية ، عندما اصطدم بلغم أرضي فانفجر اللغم وانطلق الرائد في الهواء ، ونزل بقوة على ظهره فكسرت لديه عدة فقرات ، وللمرة الثانية رفض أن يترك الخدمة وبدلاً من قبول الأوامر بالابتعاد عن الجبهة ، هرب وأقام مع عائلة مدنية في هولندا للعلاج ، كان قد التقاهم سابقًا ، وهكذا أمضى الرجل ذو العين الواحدة بقية الحرب وهو يقاتل أيضا بظهره المصاب .الأمر الذي يجعل ما حدث بعد ذلك أمرًا لا يصدق ، ففي أبريل عام 1945م عندما تقدم الكنديون شمالاً إلى هولندا ، جاءوا إلى مدينة زوول التي تحتلها ألمانيا وتم إرسال الرائد ليو وجندي آخر ، كان صديقًا له إلى ضواحي المدينة وبعد فترة وجيزة من الظلام في 13 أبريل كجزء من مهمة استطلاعية ، وخلال المهمة تعرض الاثنان لزوج من الجنود الألمان الذين فتحوا النار عليهم .وتعرض صديقة للإصابة وأصيب بجروح قاتلة ، فعاد الرائد الغاضب إلى بندقيته وقتل الألمان ، ولكن كان الأوان قد فات لإنقاذ حياة صديقه ، وبعد ذلك كانت لديه فكرة واحدة ثابتة حيث كتب ليو في وقت لاحق : ” ميجور هدفي هو تحريرها”.الخطة العبقرية :
وبغض النظر عما كان سيقابله فقد انطلق الرائد يقاتل وحده بمدينة زوول وقبض على ضابط ألماني ، وأخذ البندقية من يده ثم أقنعه بأن قوة كندية كبرى ستطردهم من المدينة ، وبعدها قام الرائد بإطلاق سراح الضابط حتى يشجع الرجل رفاقه على الإخلاء ويحذرهم من أن الهجوم وشيك ، ثم أمضى الرائد بقية الليل في محاكاة ذلك الهجوم الهائل على المدينة كله بمفرده .وركض من موقع إلى موقع يطلق النار على مجموعات من المدافعين الألمان ، ورمى عليهم القنابل اليدوية فظن كل فريق من القوات الألمانية أنه يتعرض للهجوم من قبل قوة كبيرة من الكنديين ، وبعدها كان يظهر الرائد ليأخذهم سجناء ثمانية أو عشرة في كل مرة .بعد الحرب العالمية الثانية :
عند نهاية الحرب في أوروبا وبعد أسابيع فقط من تحريره زوول ، عاد الرائد ليو إلى كندا وعلى الرغم من أنه عاد مرة أخرى إلى منزله ، فقد أمضى بقية حياته يعاني من مشاكل صحية بسبب إصاباته العديدة ، وعاش من معاشه وأمضى أيامه بهدوء يعيش في غموض نسبي في بلده ، ومع ذلك لا يزال الجميع يذكره في زوول ، حيث يوجد هناك الآن شارع يسمى باسمه .لم يكن الرائد من النوع الذي يستدعي الانتباه ، فلم يخبر أحدًا حتى عن زوول حتى عام 1969 م ، عندما قام بعض سكان المدينة بتعقبه وطلبوا منه المشاركة في احتفال لإحياء ذكرى تحريره من النازيين ، وعلى الرغم من أنه كان يتحدث أحيانًا عن الحرب إذا سأله الناس ، إلا أنه كان دائمًا متواضعًا بشأن إنجازاته ، وظل هكذا حتى وفاته في سن 87 سنة 2008م ، وكان يقول دائما : لقد شاركت في الحروب بعين واحدة فقط ، ولقد فعلت ذلك جيدًا” .