هل كان الرسام العالمي دا فينشي فنانًا مبدعًا لأنه كان لديه عين متجردة ؟ إن الأدلة تشير على ذلك حيث تقول الدراسة أن عين دا فينشي غير المتوازنة سمحت له برؤية العالم حرفيًا ، فلوحاته الفنية مختلفة بشكل مبدع عن الجميع ، ويعد ليوناردو دا فينشي واحد من أشهر الفنانين المشهورين في كل العصور ، فهل كانت حالة عينه النادرة سبب عبقريته ؟يعتبر العديد من المؤرخين والعلماء أن ليوناردو هو المثال الرئيسي ” للعبقرية العالمية ” أو “رجل النهضة” ، ويعتبر على نطاق واسع هو أحد أكثر الموهوبين تنوعًا على الإطلاق ، فنطاق وعمق اهتماماته لم يسبق له مثيل في التاريخ المسجل ، ويبدو أن عقله وشخصيته كانا فوق البشر ، في حين أن الرجل نفسه كان غامض وبعيد .ويشير ماركو روسي إلى أنه في حين أن هناك الكثير من التكهنات بشأن حياته وشخصيته ، إلا أن نظرته للعالم كانت منطقية أكثر منها غامضة ، وأن الأساليب التجريبية التي استخدمها كانت غير تقليدية في وقتها ، وقد ولد ليوناردو من علاقة غير شرعية بين كاتب عدل يدعى بييرو دا فينشي ، وامرأة فلاحة هي كاترينا وقد ولد في فينشي في منطقة فلورنسا بإيطاليا .وتلقى تعليمه في استوديو الرسام الشهير فلورنساديل فيروتشكيو وقضى الكثير من حياته العملية السابقة في خدمة لودوفيكو إيل مورو في ميلانو ، ثم عمل في وقت لاحق في روما وبولونيا والبندقية ، وأمضى سنواته الأخيرة في فرنسا في المنزل الذي منحته له الملك فرانسيس الأول ، واشتهر في المقام الأول كرسام بارع ، ومن بين أعماله كانت الموناليزا هي الأكثر شهرة بين لوحاته .وقد أثبتت دراسة جديدة نشرت في مجلة JAMA لطب وجراحة العيون أن دا فينشي عانى من اضطراب في الرؤية يسمى “العاصفة المتقطعة” ، وكان هذا هو القوة الدافعة وراء تصويره النجمي لأشكال ثلاثية الأبعاد ، والدقة التي نقل بها فنه إلى العمق ، ويتميز هذا الاضطراب بعدم القدرة الجزئية أو الكاملة للحفاظ على محاذاة العين المناسبة .ويظهر المرض في تحول خارجي في موقع العين في الأساس ، فقد تحولت واحدة من عينا دافنشي على الأرجح إلى اليسار ، وإلى الخارج بشكل طفيف وأثرت على إدراكه العميق ، وأعطت هذا المحاذاة غير الطبيعية للفنان القدرة الناتجة عن التحول إلى الرؤية الأحادية ، والتي ربما تفسر قدرته الكبيرة لتصوير صلابة الوجوه والأشياء ثلاثية الأبعاد في العالم ، والمنظور لعميق البعيد للمشاهد الجبلية .ويُعتقد أن رؤيته المتناقضة سمحت له بفهم أقوى للأشياء ثلاثية الأبعاد ، وأدت إلى مهاراته الشهيرة في التظليل ، حيث يقول كريستوفر تايلر مؤلف الدراسة وأستاذ الأبحاث في جامعة سيتي في لندن : أنه حصل على فكرة دراسة عيون دا فينشي بعد ملاحظة نمط صوره ، فبالنظر إلى أعماله تلاحظ تباعد العيون الواضح في جميع لوحاته ، ولاختبار نظريته درس تايلر محاذاة العين في ست صور لد افينشي .اثنين من التماثيل واثنين من اللوحات الزيتية ،واثنين من الرسومات ، وفي حين لم تكن كل الأعمال الفنية التي تم فحصها عبارة عن صور ذاتية ، فقد حدد دا فينشي في كتاباته الخاصة أن أي صورة صنعها الرسام تعكس رؤيه الرسام نفسه ، وبعض اللوحات التي تم فحصها هي Salvator Mundi و Vitruvian Man و Young John the Baptist .حيث تم تركيب الدوائر على الأعين والقزحيات ، وجفن كل من الأعمال ثم قام تايلر بقياس مواقع كل منها في خمسة من الست لوحات ، التي تم تحليلها حيث تم تسجيل انحراف في العين الخارجية ، ثم قام تايلر بعد ذلك بتحويل القياسات إلى زوايا وجمعها معًا ، فاكتشف أن دا فينشي كان لديه ميل مع تحول إحدى العينين إلى الخارج -10.3 درجة ، وهذا الشكل النادر من المرض يؤثر فقط على واحد بالمائة من الناس حول العالمة.ومع ذلك ليس دافنشي هو الفنان الوحيد الذي يعاني أو استفاد من اختلال العين ، فجميع الفنانين المشهورين مثل بابلو بيكاسو ، رامبرانت ، وإدغار ديجاس كان لديهم نوع من حالة العين التي سمحت لهم أيضا بمنظور فريد ، لقد كان دا فينشي شخصية مهمة بشكل لا يصدق في النهضة الإيطالية ، وبالتالي فإن هذا التبصر في مصدر عبقريته يمكن أن يكون له تأثير كبير على مستقبل دراسة تاريخ الفن ، فسبحان الله الخالق المبدع الذي جعل خللًا قد يربك الكثيرين ، سببًا للإبداع عند غيرهم مثلما حدث مع هذا الفنان المبدع .