روى العديد من الأشخاص تجارب حقيقية مرعبة ، تركت في حياتهم أثرًا ما إما عابرًا أو شديدًا حد الموت ، بعضهم من استطاع أن ينقل لنا تجربته بلسانه ، والآخرون لم يستطيعوا ذلك ولكن تحدثت عنهم مذكراتهم الشخصية ، التي روت لنا ولذويهم ما لا يمكن تخيله ، وقصتنا تتحدث عن تجربة حقيقية كان مصير صاحبها الموت.عمر شاب في متوسط العمر ، تزوج لفترة قصيرة ثم انفصل عن زوجته وأبنائه ، وقام باستئجار منزلاً متواضعًا في حي راق على الرغم من بساطة المنزل ، ولكن السعر الهزيل والذي دفعه عمر جعل من هذا المنزل فرصة عظيمة لا تعوض لشاب مثله ، يرغب في العيش بمفرده عقب تجربة زواج مريرة جعلته يحاول الانتحار عدة مرات متتالية .ولكن كان يتم إنقاذه في كل مرة ، إلى أن نجح أحد المعالجين النفسيين من نصيحته بأن يقوم دائمًا بسرد ما يحدث طوال اليوم معه ، في مذكرة خاصة ؛ حيث يستطيع بتلك الطريقة أن يفرغ كافة شحناته العاطفية أولاً بأول ، وبالفعل اعتمد عمر تلك الطريقة دومًا.باتت حياة عمر أشبه بحلقة مفرغة ، فهو لا يتنقل سوى من عمله إلى منزله الذي يقبع به طوال اليوم ، وقلما خرج مع أصدقائه ، وفي أحد الأيام جلس عمر لترتيب أوراقه والعمل على عدة تصاميم هندسية جديدة ، فقد كان عمر يعمل مهندسًا ولديه العديد من المهام المتأخرة ، بالإضافة إلى شغفه بكتابة مذكراته كما نصحه طبيبه الخاص .وبينما يجلس عمر للعمل إذا انقطع التيار الكهربائي بشكلٍ مفاجئ ، انزعج عمر كثيرًا وبدأ يتوتر فهو لا يشعر بالراحة في الظلام ، وهذا ما دفعه أن ينهض ليأتي ببعض الإضاءة ويبحث عن شمعة أو اثنتين تأنسان وحدته ، وبدأ عمر يتحرك في المنزل ببطء متحسسًا طريقه إلى غرفة الطهي حيث يضع الشموع ، وما أن أشعل عمر الشموع حتى بدأت حدة توتره تخفت قليلاً ، ولكن ما لبث ان ابيض شعره عندما ظلاً غريبًا يسير داخل المنزل ويتجه نحو غرفة عمله ، اتسعت عينا عمر كثيرًا ولم يستطيع التحدث ، ثم سقط مغشيًا عليه.أفاق عمر وهو يتصبب عرقًا ليجد التيار الكهربائي قد عاد مرة أخرى ، سار ببطء حتى بلغ غرفة الحمام واغتسل ثم ذهب بخوف إلى غرفة عمله ، وهو مرتعبً بشدة ، فيا ترى هل خلق الظلام والخوف ما رآه ؟ أم أن هناك كيان آخر بالمنزل ؟ استعاذ عمر من الشيطان ثم ارتدى ثيابه ليذهب إلى عمله ، ولم ينس بالطبع أن يدوّن ملاحظاته في مذكرته الخاصة كما نصحه طبيبه.عاد عمر من العمل وهو منهك للغاية ، وكان قد نسي ما حدث في الليلة الفائتة ، تناول طعامه وذهب يستلقي على فراشه في غفوة قليلة تعيد إليه نشاطه ، عقب استيقاظه جلس عمر متأملاً المنزل وهو يتساءل عما حدث في نفسه ، وما أن بدأ يشغله التفكير حتى انقطع التيار الكهربائي مرة أخرى ، كان عمر متخذًا لبعض الاحتياطات فأشعل الشموع فورًا ، وبالفعل لمح الكيان المظلم مرة أخرى وهو يتجول داخل المنزل ذاهبًا إلى غرفة العمل نفسها !وهنا استجمع عمر شجاعته وصاح بأعلى صوته متسائلاً عمن هناك بالغرفة ، أجابه صوت عميق وكأنه صدى يتردد في ذهنه فقط ، أنا رفيقك في هذا المنزل ، ثم اختفى الصوت وعاد التيار الكهربائي مرة أخرى وسط ذهول عمر ، فقد أدرك أن هناك روح ما تعيش معه داخل منزله ، وبدلاً من الخوف تملّكت عمر حالة من الفضول اللاإرادي ، جعلته ينتظر قدوم الرفيق بشغف كل يوم ، لدرجة أن قد أطلق عليه اسم الزائر ، والذي كان ينقطع التيار الكهربائي بحضوره في كل مرة .ومع توالي مرات تردده على عمر الذي ألف وجوده ، سمعه عمر في يوم ما عندما أتاه يحدّثه بصوت حزين ويقول له ، لقد رأيت صورتك في مرآه مهشّمه ليلة أمس ، وعندما سأله عن مقصده لم يرد وانصرف مبتعدًا.وبعد مرور عدة أيام انطلق عمر في رحلة عمل مع بعض زملائه ، إلى محافظة مجاورة وفي طريق عودتهم توفى عمر جراء حادث سير رهيب ، وللدهشة لم يلق أحد مصرعه سوى عمر فقط ، مع إصابات طفيفة لزملائه الذين أصابتهم الصدمة جراء وفاته .وعقب أيام علم الجميع بقصة الزائر الغامض الذي رافق عمر في منزله على مدار أسابيع عدة ، كيف ؟ حصلت شقيقته على مذكراته أثناء قيامها بإفراغ المنزل من محتوياته ، وبسؤال بعض الشيوخ أجاب البعض بأن هذا هو قرينه ، وأجب آخرون بأنها روح طيبة ، وامتنع البعض عن الإجابة ولكن في كافة الأحوال ، رحل عمر عقب عدة أيام من مرافقة الزائر الغامض له.