قصة اليد الخفية


في ليلة دافئة من ليالي سبتمبر عام 1952م ، تدافع مئات الناس ، وقد ضاق بهم الشارع الصغير ، الذي كان دائماً خالياً من الناس ، شارع بيرون بمدينة رانكورن بشمال انجلترا ، وعندما أوشك الليل أن ينتصف تزايد احتشاد الناس ، واستطاع بعضهم أن يعبر باب المنزل رقم واحد ، ليغص بهم الدرج الضيق المؤدي إلى الدور العلوي ، خلف الباب المغلق المؤدي إلى غرفة النوم الأمامية ، رقد صبيان يرتعشان على السرير ، ينتظران !بينما ساد الحشد الكبير صمت مطبق ، لقد كان الجميع في انتظار ظهور أشباح رانكورن المشاغبة ! ، خلف باب الحجرة مباشرة اجتمع خليط غريب من الناس ، قس الكنيسة ، وفريق محترفي التسجيل الصوتي ، وعلماء يحملون آلات التصوير التي تسجل الأشعة تحت الحمراء ، لقد كانوا ينتظرون هم أيضاً ظهور الأشباح .أشباح منتصف الليل :
وعندما دقت الساعة لتعلن انتصاف الليل ، بدأ جو المكان في الارتعاش وبدأت أصوات الحركات العنيفة ترتفع في المكان ، وعندما فتحوا الباب وسددوا أشعة مصابيح الإضاءة اليدوية القوية ، غمر الحجرة ضوء ساطع ، وظهرت تفاصيل المشهد الذي بعث الرعشة في أجسام الموجودين ، والذي بقي كنمط تقليدي للظواهر الخارقة التي لا تجد لها تفسيراً .شهود على الظاهرة الخارقه للطبيعة:
تحت نظر الشابين ، كان أساس الحجرة يؤدي رقصة مجنونة ، مائدة الزينة كانت تضرب نفسها بعنف في الحائط ، أما الدولاب فقد ارتفع عمودياً في الهواء ، بينما اندفعت منه أدراجه ، تعبر فضاء الحجرة مصطدمة بكل ما فيها .لم يحدث من قبل أن شاهد مثل هذه الظاهرة الشاذة ، ذلك العدد الضخم من الشهود ، بمن فيهم من علماء موثوق في شهادتهم ، وقد قال القسيس ستيفنس الذي شهد أغلب أحداث شارع بيرون الشاذة ، قال لزملائه : إن الإنسان يشك في حواسه ، عندما يرى مثل هذه الأمور .المنزل المرعب :
في ذلك المنزل الصغير ، كان يعيش السيد سام جونز ، الأرمل مع زوجة ابنه ، وحفيده جون جيلين البالغ من العمر ستة عشر عاماً ، وقد بدأت الأحداث الشاذة في أغسطس عام 1952م ، وقد تصور الرجل في بداية الأمر أن الموضوع لا يخرج عن كونه مزحه سخيفة .فقام بإبلاغ الشرطة ، ولكن الأمر لم يكن مجرد مزحة سخيفة ، فقد صرح الباحثون الذين عاصروا الأحداث بعد ذلك ، في 22 سبتمبر أن الحالة تقتضي دراسة جادة ، بعد تكرار هذا الشغب في غرفة الشاب جون جلين .ليلة دراسة الظاهرة :
واستطاع جون جلين أن يقنع صديقاً له يدعى جون بيري ، بالنوم معه على سبيل التشجيع ، وكان ذلك الصديق يبلغ الثامنة عشر من عمره ، وقبل انتصاف الليل بنصف ساعة ، دخل الشابان إلى غرفة النوم ، واستعد المراقبون لرصد الظاهرة ومتابعتها .وعند اطفاء النور ، عم السكون ثم بدأت أصوات الخبطات والارتجاجات ، دخل في ذلك الوقت عدداً من الناس إلى الغرفة ، بينما بقي العديد منهم ،يحتشدون باب الحجرة وفوق الدرج.شهادة القس :
يحكي الأب ستيفنس ما حدث ويقول : تحركت المائدة الكبيرة حتى أصبحت في منتصف الغرفة ، ثم بدأت في التقهقر فقطعت مسافة لا تقل عن ستة أقدام ، بعد هذا قلت مخاطباً المائدة قائلًا : إذا كنت تستطيعين سماع صوتي ، فاقرعي ثلاث مرات ، وعلى الفور بدأت المائدة تهتز وتخبط الأرض ثلاث مرات متعاقبة ، لقد رأى كل من كان في الحجرة حركة المائدة الواضحة ، دون أن يقترب منها أحد !!ثم يكمل القس شهادته ويقول : كان الشابان يرقدان على السرير في الجانب البعيد من الحجرة ، وعندما اقتربت من المائدة لأبحث عن سر حركتها ، وجدتها ثابتة في مكانها ، لكن النشاط الغريب في الحجرة ما لبث أن بدأ ثانية ، تحركت بعض الأشياء الصغيرة فوق مائدة الزينة ، ثم طارت في الهواء لتسقط على الأرض وسط الحجرة ، كتب ، تحف ، ساعة منبه ، وطار مفرش المائدة ليستقر فوقها مقلوباً ، ثم خرجت الأدراج من مكانها ، فتناثرت محتوياتها على السرير !!وقد انتهت تلك الأمسية نهاية درامية ، عندما انتزعت الوسادة التي ينام عليها جون جلين من تحت رأسه ، وطارت ثم سقطت على الأرض بعيداً عن السرير ، وقد ذكر جون جلين بعد ذلك أن القوة التي جذبت الوسادة من تحت رأسه ، كانت أكبر من أن تقاوم .شهادة ضابط الشرطة :
وقال ضابط الشرطة الذي كان من بين الموجودين ، أن جون جلين كان يسوده الرعب ، مما جعله في حالة أقرب الى الانهيار العصبي ، وجاء في تقريره المكتوب : لقد حاولت بكل الطرق التي أعرفها ، أن أكشف خدعة ما تختفي وراء هذا النشاط المريب .لكني واثق أشد الثقة أن هذين الشابين لم يكن لهما يد فيما جرى داخل الحجرة ، هذا بالإضافة إلى أنني ، بكل قوتي لا أستطيع أن أجعل المائدة الثقيلة تتراقص ذلك التراقص الذي شاهدته ، ومن ثم فمن الواضح أن هذين الشابين لن يقدرا على ذلك مهما حاولا!!محاولة أشد رافضي ظاهرة ما وراء الطبيعة :
تواصل العنف الغامض ليلة بعد ليلة ، وقد حضر إلى الحجرة في إحدى الليالي السيدهارولد كورثر أحد مزارعي مدينة رانكورن ، وواحد من أشد الرافضين لظاهرة ما وراء الطبيعة ، قام السيد كورثر بإلقاء معطفه على مائدة الزينة ، وقال مخاطباً تلك القوة المحدثة للشغب بتحد : إذا لم تكن ترغب فيه ..فأعده لي ، وعلى الفور طار إليه المعطف ، وتكرر ذلك ثلاث مرات .مراقبة الشابان :
وكان من الطبيعي أن ينظر الباحثون إلى الشابان بكثير من الريبة والشك ، لذا فقد جرت مراقبتهما مراقبة كاملة  ، ففي كل ليلة كان يجري تفتيش الحجرة ركناً ركناً ، بحثاً عن مصدر خدعة ما ، كما أن الشابين أبديا استعداداً تاماً ، للخضوع لأي تفتيش أو اختبار ، إلى درجة قبولهما أن يجري تقييد أيديهما وأرجلهما .بل ان في أحد الليالي ، قام اثنان من العلماء بإمساك يدي وقدمي جون جلين حتى ينتفي الشك في قدرته على تحريك شيء ، في ظل هذا الاحتياط ، لم يحدث فقط أن اهتزت مائدة الزينة بشدة وعنف ، بل حدث أيضاً ، وبناء على رغبة أعلنها أحد الموجودين أن تحول الاهتزاز العنيف والتراقص إلى صندوق للبياضات في جانب آخر من الحجرة .وذات مرة أخرى كانت الحجرة غير مضاءة ، وقد أخذت الكتب والتحف تطير في فضاء الحجرة ، محدثة آثار واضحة عند ارتطامها بالسقف ، وعندما أضيئت الأنوار فجأة ، رأى الموجودين صندوق لعب به قطع صغيرة ، يرتفع في الهواء متجهاً إلى السقف ، بينما كان الشابان يرقدان في سريرهما ، وقد غطتهما الملاءة تماماً ، وبعد عدة ثوان ، هبط الصندوق متحطماً على الأرض ، ولكن بعد أن تمكن العلماء من التقاط عدة صور له ، في أوضاع مختلفة .اجماع العلماء على عدم المخادعة :
لقد أجمع العلماء والباحثون على أن الشابين لم يحاولا القيام بأية خدعة ، أو حيلة ، وأن الحجرة كانت خالية من أي جهاز ميكانيكي يمكن أن ترجع إليه حركة الأجسام الطائرة ، وقرروا أنه : لم يثبت أن نشاطاً إنسانياً ما ، يمكن أن يعتبر مسئولا عن هذه الظاهرة الغامضة التي تجري في شارع بيرون .التقرير الصادر من جمعية البحوث الروحية:
وجاء تقرير جمعية البحوث الروحية ، يعكس حيرة العلماء أما مسألة لم يصلوا إلى تفسير لها : إننا مقتنعون تماماً بأن هذه الاضطرابات لم تحدث بفعل إنسان ، ففي إحدى فترات الضوضاء ، رأينا مائدة الزينة ، ترتفع في الهواء لعدة بوصات ، وقد استطعنا أن نلتقط عدة صور فوتوغرافية لهذا ، وهذه الظاهرة لا تجد لها تفسيراً منطقياً .. ولا يبقى سوى أن تنسب إلى نشاط الأرواح المشاغبة .اختفاء الظاهرة تدريجياً :
وعندما حلت أعياد الكريسماس ، في نهاية عام 1972م ، بدأت هذه الظاهرة في الاختفاء ، ثم اختفت نهائياً ، واختفى معها حشد الباحثين والدارسين والعلماء الذي غص به شارع بيرون الضيق ، ولكن بقي السؤال الهام : ما هي حقيقة ما حدث في منزل شارع بيرون ؟!

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك