قصة القتيلة


قد يحلم البعض بأشخاص لم يرهم في حياته مطلقًا ، خاصة إذا ما كان طفلاً صغيرًا لا يتعد عمره بضعة أعوام قليلة ، ولكن الفضول والذي يمثل الدافع الوحيد والأقوى للكثير من التجارب التي أرهقت أصحابها ، قد يضع أحدهم في تجربة لا تُنسى مطلقًا.البداية :
يقول الراوي ، اسمي عمر وأنا طالب بالثانوية العامة ، في بلدة ريفية متواضعة وليس لي إخوة ، ووفقًا لعاداتنا وتقاليدنا الريفية ، كنت أتجول منذ نعومة أظفاري مع أصدقائي من البلدة ، تجاه الترعة الصغيرة النائية في بلدتنا ، والتي يستخدمها المزارعون في ري محاصيلهم.وعلى الضفة الأخرى من الترعة ، يقع منزل مهجور منذ سنوات طويلة ، هذا المنزل الذي طالما أكدت أمهاتنا أننا لا يجب علينا الاقتراب منه وقت اللعب أو حتى أن نحاول استكشافه ، بمرور الوقت ومع فضولي الشديد وتكرار سؤالي بشأن هذا المنزل ، أجابتني أمي أن هذا المنزل يدعى منزل أبو كامل ، رجل مزارع فقير .كان يعيش مع زوجته وطفله الوحيد ذو العام الواحد ، وكانت حياتهما متوترة بعض الشيء  ، ويعلو صوتيهما بين الحين والآخر ، وفي أحد الأيام سمع الجميع مشاجرة طويلة بين الزوجين ، ثم انتهت فجأة ليخرج بعدها الزوج متوترًا على عجالة ليذهب دون عودة .أما الزوجة فكانت قد قتلت حيث طعنها الزوج بسكين حاد ، ولم يدر بها أي شخص ، سوى بعد أن بدأت الجثة بالتحلل وفاحت رائحتها ، فاجتمع الجيران وذهبوا ليكسروا باب المنزل ، ليجدوا السيدة مطعونة وترقد على الأرض قتيلة وإلى جوارها ابنها ، ذو العام الواحد الذي كان يبكي طويلاً يوم الحادث .ثم صمت بعدها ليجدوه وقد فقط النطق ، ماتت الأم وذهبوا بالطفل إلى المشفى لتصعد روحه إلى بارئها عقب يومين ، مع اختفاء القاتل تمامًا ، ومنذ ذلك اليوم لم يقترب أحدهم من المنزل وحتى بقعة الدماء التي غطت الأرض لم يمحيها أحدهم وظل المنزل مغلقًا طيلة تلك الأعوام ، ظل الجيران يسمعون أصوات شجار وصوت بكاء طفل ، ومشادات كلامية من حين لآخر تتصاعد من داخل المنزل ، خاصة في الوقت الذي كانت قد حدثت به الجريمة.التجربة :
بالطبع رواية أمي كانت كفيلة بإثارة فضولي أكثر لاستكشاف هذا المكان ، فلطالما رغبت كثيرًا في خوض تجربة مرعبة ما ، وبالفعل اتفقت مع أصدقائي بأن نقتحم هذا المنزل ونتجول داخله لنرى ما سوف يحدث.أعددنا عدتنا وقمنا بربط الباب الخلفي للمنزل بحبل طويل في السور ، ثم انطلقنا إلى الداخل من إحدى النوافذ المطلة على غرفة الطهي ودخلنا جميعًا إلى المنزل ، كنا أربعة أفراد ، نحمل كشافات فقد دخلنا في وقت المغرب لم يكن الجو قد صار مظلمًا بشدة بعد ، ولم يكن نهاريًا أيضًا حتى لا نفسد التجربة على أنفسنا ، تجولنا يمينًا ويسارًا قليلاً ، حتى صرخ أحدنا أن هناك طفل ينظر إليه من آخر الرواق.رفعنا جميعًا الكشافات ولكني لم أرى شيئًا  ، ظل صديقنا متسع الحدقتين وهو يقسم بأن الطفل ينظر إليه ، هنا صرخ زميل آخر بأنه قد رآه أيضًا وانطلق الصديقين هربًا وفزعًا ، هنا تساءلت مع صديقي الآخر فلم يكن قد رأى شيء هو أيضًا ، استكملنا جولتنا ولكننا كنا قد بدأنا نشعر بجو ثقيل ونشم رائحة كبريت غريبة عبقت المكان حولنا فجأة ، فنظرنا لبعضنا في نظرة معناها لنذهب فارين من هذا المكان.ذهبنا للخروج من النافذة التي جئنا منها ، ولكننا وجدناها قد أغلقت تمامًا بجنازير وأخشاب أحكمت إغلاقها كما لو كان أحدهم قد أغلقنا للتو! هنا بدأنا نتوتر ونصرخ ونضرب بأكفنا على الحوائط ، في محاولة يائسة للخروج من المنزل ولكن دون جدوى ، مرت يضع دقائق ثم سمعنا أصوات طرقات على إحدى النوافذ ، ثم سمعنا أصوات زميلينا يتحدثان إلينا بأن أصوات صراخنا سوف تجلب لنا جميعًا المشاكل ، ودعونا للخروج بعد تحطيم النافذة.الحقيقة :
كانت تلك التجربة ونحن بعمر الحادية عشر عامًا ، ولكن لم ينساها قط أي منا ، خاصة وأننا قد شاهدنا جميعًا كوابيسً مخيفة ، رأينا فيها المرأة وطفلها وهما يموتان في ألف قصة وقصة ، على الرغم من أنني لم أراهما في تلك الليلة أثناء التجربة.وفي أحد الأيام كنت قد شاهدت كابوسًا مفزعًا وذهبت إلى المدرسة متوترًا للغاية ، وبسؤالي رويت لصديقي ما خضته من تجربة في صغري منذ بضعة أعوام ، فقال لي صديقي أنه قريب للمرأة التي توفت ، وأن زوجها بالفعل هو من قتلها وتوفى الطفل عقب إصابته بالخرس ثم الموت جوعًا وعطشًا.دهشت كثيرًا وظللت أفكر في الأمر ، وفي اليوم التالي وما أن رآني صديقي حتى سألنني إن كانت تلك المرأة هي من أراها في كوابيسي ، وما أن شاهدت الصورة الفوتوغرافية التي عرضها علي صديقي حتى فقدت الوعي.يقول الراوي أنه عندما استفاق ووجد كل زملائه حوله ، بكى بشدة وقال أنها بالفعل هي المرأة التي يراها في كوابيسه ، وأنه أول مرة يشاهدها هي وطفلها فلم يكن قد رآهما من قبل ، وهو حتى الآن لا يدري ما الذي تريده منه ، فكلما نسيها ذكّرته بتجربته في منزلها ومأساتها هي وطفلها.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك