ما تزرعه اليوم هو ما تحصده بالغد ، تلك كانت العبارة التي يؤمن بها خوسيه مينينديز ، ومع شديد الأسف كانت صحيحة ، ولكن إلى أي حد ؟.عاش خوسيه حياة ناجحة للغاية ، فقد كان في صغره لاعبًا ورياضيًا شهيرًا ، وُلد وعاش في كوبا ، وما لبثت أسرته أن انتقلت به إلى مدينة أمريكا ، حيث بدأ خوسيه دراسته في الجامعة.وما أن ارتاد خوسيه جامعته ، حتى قابل زوجته كيتي ، والتي كانت تكبره ثلاثة أعوام ، ولكن الحب لا يعرف عمرًا أو حواجز ، أنهت كيتي دراستها وتزوجت من خوسيه ، الذي استكمل دراسته بالجامعة بعد أن تزوج من كيتي ، ثم تخرج ليعمل محاميًا بكبرى الشركات العالمية ، فقد كان خوسيه شخصُ مميز ، ولا يرضى لذاته سوى بالمراكز الأولى ، والتفوق الدائم.احتاج الزوجان إلى العمل من أجل الاستقرار ، فعملت كيتي أولاً ، معلمة بإحدى المدارس الابتدائية ، إلى أن حصل خوسيه على وظيفته بعد تخرجه ، ثم انتقلا كلاهما إلى نيويورك من أجل الاستقرار بها ، وإنجاب طفليهما .أنجب خوسيه طفلان هما لايل ميننيديز ، وإريك مينينديز ، وكان خوسيه شديد الفخر بهما ، وحرص أشد الحرص على تعليمهما جيدًا ، فألحقهما بإحدى المدارس ذات المستوى الجيد تعليميًا ، ولكنه أهمل في التقرب منهما كأب حنون ، وهنا وقع الخطأ !كان خوسيه شديد الصرامة مع أبنيه ، ولم يكن يدرك أن تلك الشدة لن يفهمها طفلاه ، فقد كان يعتقد أنه بتلك الطريقة ، سوف يربى رجلين شديدي الطموح ، ومتفوقان عمليًا وعلميًا كما فعل هو من قبل ، ولكن كان الطفلان من شدة الصرامة ذوا مستوى متوسط دراسيًا ، ويعانيان من صعوبة في تلقّي المعلومات ، والاستجابة مع معلميهم بشكلٍ دائم .ولكن خوسيه لم يكن يهتم بتلك الملاحظات ، ويفكر دائمًا بأنهما يجب عليهما ، الاعتماد على أنفسهما ، ولم تكن تتدخل كيتي في تلك الطريقة بتربية الأبناء ، نظرًا لأن خوسيه لم يكن يترك الفرصة لها ، أو لأي شخص بأن يتدخل في طريقته التي يراها مثالية ، وقوية للغاية .أراد خوسيه أن يتعلم طفلاه أحد أنواع الرياضات ، كما كان هو في فترة مراهقته ، فاختار الطفلان رياضة التنس ليصبحا أشهر لاعبين بها ، ولكن مع مرور السنوات ونمو الطفلين ، بدأت المشكلات الصحية تحيط بهما ، فقد كان أحدهما في سن الرابعة عشرة من عمره ، ومزال يبلل فراشه ، ويلعب بالدمى ، ولكنه أبدى ذكاءً ملحوظًا ، وفقًا لشهادة من حوله ، أما الآخر ، فكان هادئًا للغاية وقليل الحديث ، وحظى على إعجاب الفتيات بالمدرسة.بداية النهاية :
نمى الصبيان وصار في فترة مراهقتهما ، وفي تلك الفترة بدأت السلوكيات السلبية في الصدور منهما مرة تلو الأخرى ، أولاهما كانت مع ابنة عمهما عندما ذهبت لقضاء الصيفية في منزلهما ، وفي إحدى الليالي قام الثلاثة باللعب ، واقترح الصبيان أن يقوما بتقييد ابنة عمهما ولعب المصارعة ، وافقت الفتاة ، وما لبث الصبيان أن قيداها وحالا نزع ثيابها عنوة ! في البداية ظنت الفتاة أنهما يمزحان معها ، ولكن عندما انتزع الصبيان ثوبها فجأة ، صرخت الفتاة وشعرت بالرعب ، فتوقف الصبيان فورًا .ومرة أخرى حاول أحد الصبيان أن يلمس جسد الفتاة ، التي صرخت ولكن ذلك في هذه المرة لم يوقفه ، عقب تلك الوقائع ، اضطر خوسيه إلى الانتقال من عمله من شرق البلاد إلى غربها ، نظرًا لمكانة العمل الجديد المرموقة ، ولكن لايل لم يكن قد أنهى دراسته بعد ، فبقي في المنزل ، وانتقلت الأسرة كاملة ، الأمر الذي أثر بشدة في الأخوين الذين كان متعلقان ببعضهما بشدة .التحق عقب ذلك لايل بالجامعة ، ولكن تم فصله متهمًا بالاحتيال ، فما كان من والده إلا أن بحث له عن ظيفة بالشركة التي كان يعمل بها ، ولكن الشاب لم يكن ناضجًا بعد ، فأهمل وتغيب ولم يستطع الاندماج في تلك الحياة الوظيفية والعملية المفاجئة .الجريمة .. والحقيقة
في أحد الأيام ، سمع الجيران صوت طلقات نارية يأتي من منزل خوسيه ، وظنوا أنها مجرد ألعابًا نارية عادية ، ولكن الواقع لم يكن كذلك ، فقد تلقت الشرطة اتصالاً من أحد الأبناء يفيد بوقوع والديه جثتين هامدتين ، وقال الصبيان بأن العائلة قد ذهبت للصيد ، وظل الأبوين في المنزل للاسترخاء ، وذهب الصبيان للاحتفال خارجًا وعندما عادا ، وجدا الجريمة قد حدثت.اتجهت الشرطة للتحقيقات ، التي ظنوا بأنها لن تتعدى عملية سطو ، أو اغتيال من جانب أحد أعداء خوسيه ، ولكن في أحد الأيام ، اعترف الصبي الصغير لطبيبه النفسي بفعلته مع أخيه ، ثم هدده بالقتل إذا تحدث بالأمر مع أي شخص ، ولكن ذهبت صديقة الطبيب النفسي التي علمت منه بالأمر ، وأبلغت عن الشقيقان.كان الأمر مفاجئًا للعائلة والمقربين من الصبيان ، فقد اعترفا بأنهما ارتكبا الجريمة ليتخلصا من أبيهم ، الذي اعتاد الاعتداء جنسيًا عليهما منذ طفولتهما ، وأن والدتهما كانت تعلم بذلك ، ولم تقم بحمايتهما .وكانت تلك الجريمة الأشهر في التسعينات من القرن الماضي ، حيث اعترف عم الصبيان بأن ادعاءاتهما باطلة ، فقد كان سبب تنقل الأسرة المستمر ، هو عمليات السطو المتتالية التي كان يقوم بها الصبيان ، فاضطر خوسيه إلى التشدد معهما ، ولكن لم تفلح طريقته ، فقام باستثنائهما من ميراثه ، ولما علم الصبيان ، قررا التخلص منه.خضع الصبيان لمحاكمات طويلة ، انتهت بسجنهما مدى الحياة ، دون الإفراج المشروط ، فلم يكن لديهما أية دلائل على أقوالهما ، لذا ارتأت المحكمة أن يتم سجنهما جزاء لما فعلاه.