كامل ، ذلك الرجل الذي لا يوحي مظهره العام إنه في الثلاثين من عمره ، خاصة بعد أن كان يتعمد إظهار حرق في جسده على مستوي الصدر ليستدر عطف الناس ، حيث عندما كانت تقف السيارات عند الإشارة الضوئية ، كان يمر بين صفوفها وقد كشف صدره ، وفي يده كيس يضع فيه ما يتصدق به المتصدقون .كانت طريقته في التسول هي الوقوف بمجازاة سائق السيارة ، ويعرض على الناس ورقة كتبت فيها وصفة طبية يتطلب عليه إحضارها لعلاج حروق جسده المتهيج ، وكان في المساء وبعد أن يحصل على المبلغ المطلوب من النقود يختفي .كان كامل يذهب إلى بناء مهجور وسط المدينة حيث يقضي ليلته برفقة سبعة آخرين ممن لا سكن لهم ، وكانت حياة ذلك الرجل هي أيام تتشابه ولحظات تتكرر في كل يوم عدا ذلك اليوم.كان من ضمن تلك المجموعة شاب يافع يبلغ من العمر الخامسة والعشرين ، وقد عُرف ذلك الشاب بتخصصه في سرقة محتوى السيارات ، حيث كان يفتح أبوابها أو يكسر زجاجها ، ويسطو على الموجود بداخلها من أشياء يستطيع بيعها مثل النظارات الشمسية أو آلات التصوير.في يوم ما خرج كامل مع ذلك الشاب ، وكانا في موقف السيارات الخاص بمركز تجاري كبير ، وكان كامل يستعطف المترددين على المركز التجاري في غفلة من حراس الأمن ، بينما كان ذلك الشاب يتجول بين السيارات الواقفة يبحث عن فرصة للسرقة .لمح الشاب سيارة رباعية الدفع نصفها مكشوف ، فتقدم نحوها وقد رأى عبر نافذة السيارة علبة سجائر ونظارات شمسية ، وتظاهر بأنه غير مهتم حتى تتيح له فرصة السرقة ، فقرر دخول السيارة رباعية الدفع من جهتها الخلفية المكشوفة ، وأشار لصديقه أن يراقب المحيط ثم اندفع بداخل السيارة .وما إن وضع قدمه بها حتى نهض عليه كلب ضخم لم يدع له فرصة للهرب وأمسك به من سرواله ، فحاول أن يفلت منه وقد انتبه أن صديقه كامل اختفى ، وصار الكلب يمسك بسرواله بإحكام فأستسلم ويعلم أن بذلك سينتهي يومه في قسم الشرطة .مرت عشر دقائق ثم رأى رجل يقبل نحو السيارة وهيأته أوحت له بأنه صاحب السيارة ولم يخب توقعه ، فأمسك الرجل بعنقه ونادى على رجل الحراسة ، فأمسك به رجل الحراسة وقاده إلى مركز الشرطة القريب من المركز التجاري .في المساء تحرى ضابط الشرطة عنه وقد عثر معه على سكين يستخدمه في اقتحام أبواب السيارات بل ومعه مبلغ من المال ، اعترف الشاب بعملية السرقة وغيرها من السرقات ، وعند السؤال عن هويته لم يعرف ذلك الشاب سوى اسمه ولقبه بين مجموعته .وأهم ما حصل عليه ذلك الشرطي من معلومات ، هو اعتراف الشاب بمكان المجموعة التي تأوي المنزل المهجور ، وفي الليلة التالية تحركت فرقة من الشرطة إلى المكان وداهمته قبل منتصف الليل.وتم الإمساك بالسبعة رفاق ومنهم كامل ذو الصدر المحروق ، وتم الكشف عن هوية العديد منهم ، وتبين من البحث حول الرجل ذو الصدر المحروق ، إنه جاء من قرية مجاورة منذ عشرة سنوات ، وقد اعترف إنه فر من أسرته بعد أن استولى على وديعة أحد أقاربه كان قد سلمها لوالده ، وقال إنه ظن أن ذلك المبلغ سيفتح له باب المتعة والغنى ، وأضاف إن ما سرقه لم يمكنه من أي شيء يذكر وضاع كله وأضطر للتسول بغرض توفير طعام وشراب له حتى احترف التسول وأنضم لأحد عصابات المدينة المحترفة في السرقة والتسول.