تعتبر قضايا القتل المتسلسل من أهم القضايا التي تثير الرأي العام حيث يقوم القاتل بقتل عدد كبير من الضحايا الذين لا يربطهم به أي صلة ، ويكون دافعه الأساسي لارتكاب تلك الجرائم هي ميوله الإجرامية ونفسه المريضة .ويعتبر تشارليز إدموند كولن (Charles Edmund Cullen) هو أشهر القتلة المتسلسلين بالولايات المتحدة الأمريكية بسبب العدد الكبير من الضحايا الذين قضوا على يديه ، حيث كان يعمل بمهنة التمريض وقد اختار ضحاياه من بين المرضي بالمستشفيات التي عمل بها .ولد كولن في 22 فبراير 1960م وكان السابع بين إخوته ، ولكنه عاش طفولة تعيسة بعد أن توفى والده وهو لم يبلغ عامه الأول ، وحين بلغ التاسعة من عمره حاول الانتحار عن طريق تناول عقاقير طبية ، وقد كانت تلك المرة الأولى وقد تلتها بعد ذلك عدد من المحاولات الأخرى .بعد وفاة والدته في حادث سيارة رسب كولن في المدرسة الثانوية ، والتحق للعمل بالقوات البحرية ، ولكن ظهرت عليه علامات الخلل النفسي فتم تسريحه من البحرية ، فالتحق بمدرسة التمريض وقد كان الرجل الوحيد بالمدرسة .ارتكب كولن أولى جرائمه في مركز بارنباس الطبي بمونت كلير بولاية نيوجيرسي وكان ذلك في 11 يونيو 1988م ، وكان الضحية هو القاضي جون .دبليو.ينجو فقد أعطاه كولن جرعة زائدة من عقار وريدي ، وظل كولن يعمل بتلك المستشفى حتى عام 1992م ثم تم طرده بعد إتهامه بتلويث أكياس المحاليل الوريدية التي تعطى للمرضي ، وقد اعترف لاحقًا أنه قتل عشرات المرضى بمستشفى بارنباس .بعد أن ترك كولن مستشفى بارنباس عمل بمشفى أخر وهو مشفى وارنر بمدينة فيليبسبيرج ، وهناك قتل ثلاثة من السيدات المسنات عن طريق إعطائهم جرعات زائدة من دواء لمرضى القلب ، وقد أراد كولين أن يتقاعد ولكن بعد أن انفصل عن زوجته عام 1993م توجب عليه أن يبقى في وظيفته ليعطيه القاضي الحق في حضانة بناته .وفي عام 1993م قام كولن باقتحام منزل زميلة له بالعمل أثناء نومها هي وطفلها ، وحاول الاعتداء عليها ، لكنها أبلغت الشرطة ، وبعد يومًا من اعتقاله حاول الانتحار مرة أخرى ، ثم أُدخل إحدى المستشفيات النفسية ولكنه حاول الانتحار مجددًا مرتين قبل نهاية عام 1993م ، وتم تسريحه من عمله بمستشفى وارنر .وبالرغم من تاريخه في المرض النفسي إلا أن كولن استطاع أن يحصل على عمل بعدة مستشفيات أخرى وكان في كل مرة يقتل المزيد من الضحايا ، وفي أحد المرات حاول قتل أحد المرضى بمستشفى سومرست عام 2003م ، ولكن تم إنقاذ المريض ، ولكن إدارة المستشفى شكت أن المريض قد تعرض لمحاولة قتل ، وبدأت في التحقيق وقد وجدت إدارة المستشفى أن كولن يدخل على سجلات المرضى بدون إذن ، كما أنه يتواجد بحجرات مرضى ليسوا مدرجين على لائحة أعماله ، كما أنه يطلب أدوية وعقاقير لا تخص مرضاه .وفي يوليو 2003م اشتبهت المستشفى في وفاة أربعة من المرضى عن طريق التسمم ، ولكن إدارة المستشفى لم تتخذ أي إجراء ضد كولن حتى شهر أكتوبر ، حين توفي مريض أخر بسبب انخفاض نسبة السكر بالدم ، قامت المستشفى بإبلاغ الشرطة وقد أخبرت الشرطة عن شكوكها تجاه كولن ، قامت الشرطة بالتحقيق في ملف كولن بسرية وتم وضعه تحت المراقبة لعدة أسابيع حتى انتهت التحقيقات.استطاعت تحقيقات الشرطة إثبات علاقة كولن بمقتل اثنين من مرضى مستشفى سومرست وتم إلقاء القبض عليه 12 ديسمبر 2003م ، أثناء تواجده بأحد المطاعم ، ولكن كانت المفاجئة أنه اعترف بقتله لأكثر من 40 مريض أثناء حياته المهنية التي دامت لمدة ، 16 عامًا ، ولكن بعد التحقيقات اكتشفت الشرطة أن العدد الحقيقي أكثر من ذلك بكثير .وقد أجرى كولن اتفاق مع الشرطة أن يعترف بجرائمه في مقابل تخفيف عقوبة الإعدام إلى السجن مدى الحياة ، وفي أبريل 2004م أعترف كولن أمام محكمة نيوجيرسي بقتل 13 مريضًا عن الطريق الحقن بعقاقير سامة ، وبعد شهر أقر بقتل ثلاثة مرضى آخرين ، وفي شهر نوفمبر أقر أمام محكمة ببنسلفانيا بقتله ستة من المرضى ومحاولة قتل ثلاثة آخرين.في اعترافاته قال كولن أن دافعه لارتكاب تلك الجرائم هو أنه أراد إنهاء معاناة المرضى ، بعد أن شعر أن طرق العلاج تسبب لهم ألأم مبرحة وتنتهك إنسانيتهم ، وأنه لا يستطيع تذكر ضحاياه ولا لماذا اختارهم بالتحديد من بين المرضى ، وقد تم إيداعه بسجن ولاية نيوجيرسي ليقضى عقوبة السجن لأكثر من 100 عام دون الحق في الإفراج المشروط .