كان يونس وزوجته عائشة في طريقهما إلى القرية التي يسكنها الأهل ، وكان قد مر على زواجهما اثني عشر عام دون أن يرزقا بالأولاد ، يعمل يونس بوزارة المالية بينما تعمل زوجته في مؤسسة مصرفية ما .وغادر الاثنان على متن سياراتهما الجديدة ، وكانت الرحلة تمضي دون أي مشاكل ، وتوقف يونس عند الإشارة الضوئية ، وما أن تحرك بعد أن تحولت الإشارة إلى اللون الأخضر وعلى بعد أقل من 50 متر ، لاحظ في المرآة العاكسة سيارة تتجاوزه ، ولما صارت بمحاذاته أبطئت السير .وكان على متنها امرأتان واحدهما أنزلت زجاجها وهي تقول شيئًا ، وقد حسب يونس أنها تريد أن تسأله عن وجهة ما ، فأنزل زجاج سيارته وخفض سرعة السيارة ، وأخبرته المرأة العجلة .ثم أسرعت السيارة واختفت ، وفطن يونس أنها تريد أن تخبره عن ثقب ما في عجلات سيارته ، فأوقف سيارته ونزل يفحص عجلات سيارته ، وفجأة توقفت بجواره سيارة أخرى ونزل رجلًا قيده وأوقعه أرضًا .فصرخت زوجته بشده فأسرع الرجل نحوها وجذبها خارج السيارة ، ثم ركب السيارة وادر محركها وانطلق مسرعًا ، ولحقت به السيارة التي نزل منها ، ركضت زوجة يونس نحو الطريق تطلب المساعدة .فقام أحد المارة بالاتصال بالشرطة ، ونقلتهما دورية الشرطة إلى أقرب قسم للشرطة وهناك حررا محضر بسرقة السيارة ، وبمواصفات الرجل ولحسن حظه لم تكن وثائقه الشخصية في جملة ما تم سرقته .ومكث يونس وزوجته عند أحد الأصدقاء ، ولا يدري أحد مقدار الألم والمرارة التي عانى منها الزوجين ، والفزع الذي أصابهما في تلك الليلة ، ومرت عشرة أيام ولم يتلقى خبر من الشرطة ، وكانت الصحف تنشر من حين لآخر أخبار العصابات الخاصة بالسيارات ، وكان ينتظر بلهفة أن يأتيه بخبر عن سيارته لكن لم يحدث .وبعد مرور شهر قرر زيارة خالته المريضة في بلدة مجاورة ، وهناك خرج ليتمشى قليلًا ووقف عند واجهة محل مصور فوتوغرافي في زنقة أحد الشوارع ، وكان على النافذة الزجاجية صور أطفال ونساء ورجال .ثم استوقفته صورة رجل يطل من نافذة سيارة ، وكان الوجه المطل من النافذة يضحك ضحكات صفراء ، وظن أنه رأى ذلك الوجه من قبل ومضى في ذهنه ما يشبه البرق ،
وأحس ببرودة في جسمه .فعيناه نفس ذلك الرجل الذي أسقطه أرضًا وسرق سيارته ، فتمالك نفسه ودخل وسأل العامل هناك عن صاحب الصورة ، وأخبره أنه فلاح يدعى بشكا ، وطلب منهم التقاط صورة له بسيارته الجديدة .والمواصفات التي ذكرها العامل لتلك السيارة تنطبق تمامًا على سيارة يونس ، وعندما طلب نسخه من الصورة رفض العامل ، فشكره ثم انصرف وأسرع نحو قسم الشرطة ، وأبلغ الشرطي عن الصورة .فتبعه الشرطي واظهر هويته للعامل ، وسمح له باستخراج نسخه من تلك الصورة ، وتم تعميم صورة المشتبه فيه في كل أرجاء المصالح الأمنية ، وفي أحد الكمائن التي يقيمها رجال الشرطة ، استوقف رجال سيارة بمواصفات السيارة المسروقة .وكانت الأرقام المكتوبة على لوحاتها المعدنية تختلف عن تلك التابعة ليونس ، وأدلى السائق بكل الوثائق التي تثبت ملكيته للسيارة ، ولكن شك الضابط في صحة تلك الأوراق ، وفجأة أدار السائق محرك السيارة وأنطلق بسرعة جنونية .فتبعه رجال الشرطة وتمكنوا من اللحاق به ، ونقلت السيارة إلى مركز الشرطة ، وبفحص أوراق الملكية تبين أنها مزورة ، ولما فحصت السيارة وجد رجال الشرطة أكياس من مخدر الحشيش في مكان خفي في العجلة الاحتياطية ، وتبين أن السارق يقوم بسرقة السيارات لتهريب المخدرات.