عالم الجريمة الواسع ، لا يقتصر على مكان دون آخر ، فالإنسان الفاسد ليس له وطن محدد ، أو هوية ينتمي إليها ، وإنما هو وحش غير آدمي ، أصر على أن يحول كل ما هو جميل حوله ، إلى قطعة مشوهة تشبه روحه .التوربيني أو رمضان ، هما نفس الشخص الذي هدم طفولة وبراءة ، وقتلها في مهدها إشباعًا للذاته الحقيرة ، ورغباته المتدنية ، دون أن يطرف له جفن ، وتلك هي قصته مع أطفال الشوارع .بداية الجريمة طفولة بائسة :
رمضان عبد الرحمن ، طفل صغير مولود لعائلة فقيرة للغاية ، اضطرته ظروف الحياة ومصاعبها ، للذهاب بحثًا عن قوت يومه ، والعمل كل يوم بإحدى الكافيتريات ، الموجودة بمحطة السكك الحديدية ، إلا أن قدره وحظه العاثر أوقعه في براثن ، ذئب بشري فاسد يدعى عبده ، حول مسار حياته إلى الأبد .في البداية بدأ عبده يتربص برمضان ، وظل يراقبه فترة ، ثم بدأ في مهاجمته كل يوم ، والتحصل منه على ما يجمعه من مال ، حتى بدأ رمضان في التغيب عن منزله ، خشية أن يعود لأسرته بلا مال ، ويظن والديه أنه يخدعهما .مضت الأيام ورمضان يتعرض لهذا التربص ، من جانب عبده حتى قرر ، أنه لابد أن يحصل على حقوقه ، فوقف أمامه في ليلة مشؤمة ، وطلب منه أن يعيد إليه ماله ، الذي كان قد سرقه منه عنوة ، وألا يلحق به مرة أخرى .أخبره عبده أن يلحق به أعلى أحد القطارات ، حتى يعطيه ماله الذي طلبه ، فوافقه رمضان ممنيًا نفسه بالحصول على المال ، الذي كَدّ من أجله ، ولكن للأسف تنمر به عبده ، وما أن ذهب إليه رمضان ، حتى قيّده عبده واغتصبه جنسيًا ، وما أن فرغ منه ، حتى قذف به من فوق القطار ، إلا أن رمضان لم يمت ، بل تعرّض لكسور وجروح غائرة ، وبعض التشوهات في الوجه ، وحول دائم في عينه اليمنى .لم يستغرق عبده في السجن ، سوى بضعة أشهر قضاها ثم خرج مرة أخرى ، وشاء القدر أن يُقتل عبده في حادث سيارة ، ولكن هل ظل رمضان كما هو؟ بالطبع لا ، فهذا الحادث أثّر عليه بشدة ، وجعله ناقمًا على المجتمع كله ، وأنه لا يجب أن يظل ضعيفًا ، مع تولّد رغبة قوية بداخله ، في الانتقام من كل الأطفال المتواجدون بالشوارع .الوحش النائم يستيقظ :
تبدلت شخصية رمضان ، وتحول إلى وحش كاسر ، استطاع خلال فترة قصيرة أن يجمع عصابة ، مكونة من أطفال الشوارع المراهقين ، كان أكبرهم لا يتعد عمره ، ثمانية عشر عامًا ، وكانت مهمة أفراد عصابته ، هي استدراج الأطفال ، ممن يتسولون بالشوارع وليس لهم أسر ، وإحضارهم إلى رمضان ، حيث يقوم بالاعتداء عليهم جنسيًا ، بعد تقييدهم ، ثم يقوم بإلقاء الطفل من فوق القطار ، حيث تتطاير أشلاء الصغار ، أمام عجلات القطارات القادمة من الطرف الآخر ، دون أن يطرف له رمشًا واحدًا .لقّبه الأطفال المتعاونون معه بالتوربيني ، نظرًا لكونه محبًا لقطار التوربيني ، ففيه منطقة المكيفات ، أقل ارتفاعًا من العربات الأخرى ، فيستطيع أن يفعل جرائمه ، فوق رؤس الجميع ، دون أن يشعر به أحد .استمرت جرائم التوربيني ، وتزايد عدد الأطفال الذين قتلهم ، واغتصبهم دون رحمة أو شفقة ، حتى نجا من بين براثنه أحد الأطفال ، وما أن هرب حتى قام بالإبلاغ عن رمضان ، الذي تم البحث عنه ، ونال حكمًا في جريمة هتك عرض ، خرج بعدها عقب مرور فترة قصيرة للغاية ، إلا أنه لم ينس الطفل الذي قام بالإفلات منه .طلب التوربيني من أطفال عصابته ، البحث عن الطفل وإحضاره إليه ، وبالفعل استطاعوا أن يعثروا عليه ، وأتوا به إلى التوربيني ، وما أن رآه الطفل حتى حاول الفرار ، إلا أنه قدمه لهم وجبه مسلية ، فتناوبوا اغتصابه ، ثم أخذه التوربيني وظل يعتدي عليه جنسيًا ، لثلاث ساعات متواصلة كان الطفل ، قد نزف دماؤه بشدة ، ثم قيده التوربني ، وصعد به أعلى صهريج للمياه ، كان يبلغ ارتفاعه حوالي ثلاثين مترًا ، وقذفه من الأعلى فسقط الطفل ميتًا .عقب هذا الحادث ببضعة أشهر ، كان أحد عمال محطة مترو الأنفاق ، ينبش في الأرض بحثًا عن توصيلة أسلاك ، أثناء صيانته لجزء من المترو ، فوجد بقايا هيكل عظمي ينتمي لطفل ، فأبلغ السلطات ، الذين بدؤوا في البحث ، عن أثر يدلل على فاعل الجريمة ، إلا أنهم بدؤوا يتخبطون في الجثث الواحدة تلو الأخرى ، وبدأ الأمر يدخل في مرحلة الخطورة .مع توسع رجال الشرطة في القبض ، عن كل المتسولين وأطفال الشوارع ، تم إلقاء القبض على أحد أفراد عصابة التوربيني ، والذي كان قد فر هاربًا من قبضته حتى لا يقتله ، وما أن استجوبته المحققون ، حتى خر معترفًا بكل شيء ، وبدأت ملامح حل القضية في الظهور .السقوط والمحاكمة :
توصل رجال التحقيقات إلى التوربيني ، وألقي القبض عليه ، واعترف بتفاصيل جرائمه وأرشد عن عدد من جثث ضحاياه ، كان من بينهم فتيات صغيرات ، تم اغتصابهن ثم قتلن بشكل بشع ، وتم توجيه تهمة الاغتصاب والقتل العمد إلى التوربيني ، بعدد اثنين وثلاثين قضية تم اتهامه فيها ، وتم تنفيذ حكم الإعدام به عام 2010م ، لتطوى صفحته المسيئة الفاسدة إلى الأبد .