اعتادت شجرة الظل الشابة ، أن تنظر لجارتها العجوز شجرة البلوط وتتأمل ذلك الجرح المتسع في جذع شجرة البلوط العجوز الواقفة أما باب المدرسة ، وفي أحد الأيام دفعها الفضول أن تسأل ، فمالت بأحد فروعها ناحية شجرة البلوط وسألتها : كيف أصابكٍ ذلك الجرح العميق الذي يشوه قامتك ؟تنهدت الشجرة العجوز مع الريح وهي تجيب في لهجة يخالطها الكثير من الألم : لولا هذا الجرح ما زرعوك ، فوجئت الشجرة الشابة بالإجابة : وسألت جارتها العجوز كيف حدث ذلك ؟فأجابت شجرة البلوط : لقد قضيت من عمري ثلاثين عامًا وأنا أقف هنا أمام المدرسة لأقدم الظل للأطفال ، وأعمل على تنقية الهواء ، ولكني فوجئت ذات صباح وعلى غير انتظار ، باثنين رجل وصبي ، يتعاونان على قتلي ، فصاحت الشجرة الشابة : قتلك وهل يستطيع الإنسان قتل الأشجار ؟فأجابت شجرة البلوط بالطبع لقد تناول كل واحد منهما طرفا من طرفي منشار رهيب ، وسددا أسنانه المفترسة نحو جذعي وبدؤوا في نشري ، وأكملت الشجرة في صوت يخالطه الألم : لقد جعلني الألم أتوقف عن امتصاص عصارتي ، وسرى الألم حتى أطراف أغصاني وبدأت أوراقي ترتعش ، فقد كانت أسنان المنشار حادة رهيبة تغوص بغير شفقة في خشبي ، والمنشار يروح ويجيء بقسوة ، فيزداد الجرح عمقًا .وبعد دقائق حافلة بالألم والرعب ، توقف الصبي ، وترك ذراع المنشار ونظر في كفيه وقال لزميله ، عم أحمد يا نشار لقد تعبت ، وقالت الشجرة الشابة وأوراقها ترتجف : لقد بدأت أرتعد لمجرد سماع القصة ، ولا أستطيع أن أتخيل كيف نجوت .قالت الشجرة العجوز : فجأة وأثناء توقف النشار ظهر فجأة عاصفة من الغبار ، وقد اقتربت العاصفة بسرعة مني ، لقد كان ذلك موعد خروج الأطفال من المدرسة ، وكانت الطفلة زهرة معتادة أن تأتي لتستظل تحتي مع صديقاتها لفترة قبل العودة للمنزل .وكانت تلك العاصفة هي زهرة وصديقاتها اللاتي أتين للاستظلال كعادتهم ، ولكن النشار أقترب منهم وطلب منهم أن يبتعدوا عن جزعي حتى يستطيع قطعي ، لما سمعت زهرة ذلك فزعت هي وصديقاها والتففن حولي ، وتمسكن بي بقوة ، وقلن للنشار هذه الشجرة ملكا لنا جميعا ، ولن تستطيع قطعها .في تلك الأثناء كان أحد المزارعين يمر بجوار المدرسة ، وقد رأى النشار وهو يتشاجر مع الأطفال ، فذهب وأخبر أهل القرية أن هناك من يحمل منشارًا ، ويتشاجر مع فتيات المدرسة .وغضب النشار من تصرف زهرة وحاول الإمساك بها ، لكنه تراجع وتوجه إلى داخل المدرسة يبحث عن أحد بالداخل فلم يجد غير الأستاذ شاكر ، فشكا النشار للأستاذ شاكر من تصرف زهرة .وخرج الأستاذ شاكر ليستطلع ما يحدث ، فوجد زهرة وصديقاتها حول الشجرة ، فسأل الأستاذ شاكر : ما الذي يحدث يازهرة لماذا تمنعن العم أحمد النشار من القيام بعمله ؟ ، أجابت زهرة : لن نسمح لأحد بقطع تلك الشجرة التي توفر لنا الظل ، كما أنها تنقي الجو من حولنا ، أما العم أحمد فيمكنه شراء الأخشاب من مكان أخر ، لأننا نحتاج لتلك الشجرة .سألت الشجرة الشابة : وماذا حدث بعد ذلك ؟ ، أجابت الشجرة العجوز : لقد تجمع أهالي القرية حول المدرسة ، ليستطلعوا ما يحدث ، فأخبرتهم زهرة بما حدث ، وأنني أوفر الظل لطلاب المدرسة كما أنني أزين مدخل المدرسة ، فأقتنع الأهالي بكلام زهرة وطلبوا من النشار أن يذهب ولا يعود لقطع تلك الشجرة مجددًا .فرحت زهرة وصديقاتها كثيرا وأخذن يهتفن : عاشت الشجرة ، يسقط المنشار ، لما رأى الأهالي فرحة الأطفال ببقائي قرروا زراعة المزيد من الأشجار لإسعاد الأطفال ، وتمت زراعتك أنت أيتها الشجرة الشابة .