منذ 20 يوماً ، جاءتني رسالة من كينيا تقول ، نود أن نبلغك بأسفٍ أن صغيرتك ناعومي عرضت نفسها لخطر شديد ، وأصيبت بجراح بالغة ، لكن الأطباء أنقذوا حياتها ، وهي الآن تتعافى ، وتمر بفترة نقاهة وتأهيل وتدريب حتى لا تتعرض مرة أخرى للخطر ، وسنوافيك بتطوراتها أولاً فأول .الحادثة :
شعرت بالقلق إزاء هذه الصغيرة ، وفي الليل تسللت إلى نومي كوابيس رأيت فيها نمراً يحاول افتراسها ، وكنت أستيقظ في اللحظة التي أرى فيها النمر كاشفاً عن أنيابه المخيفة ، ومن العجيب أنني عندما تحريت عن تفاصيل ما حدث لناعومي .أخبروني أنها ببراءة كانت تقترب من الأسود والنمور عندما تراها ، وكأنها تريد صداقتها ، وفي المرة الأخيرة اقتربت أكثر مما ينبغي ، فقفز عليها النمر وأوشك أن يقضي عليها ، لولا انتباه حراس الغابة ، وتدخلهم لإبعاد النمر وإنقاذها في اللحظة الأخيرة .ناعومي :
ناعومي أنثى وحيد قرن صغيرة ، تعرضت لمأساة مؤثرة ، قتل الصيادون أمها فصارت يتيمة ، وأخذتها منظمة حماية الحياة البرية ، وضمتها إلى برنامجها لحماية وحيد القرن الافريقية من الانقراض ، وهو برنامج عالمي ، لاحظ العاملون به من حماية البيئة أن أعداد وحيد القرن في كينيا تتناقص بشدة ، من 20 ألفاً ، عام 1970 م ، إلى 350 فقط عام 1983م .منظمة حماية الحياة البرية :
فوضعوا نظاماً لحماية الحيوانات الباقية من بنادق الصيادين ، ومخالب وأنياب الحيوانات المفترسة ، وكان هذا النظام يكلف أموالاً طائلة ، فاهتدوا لفكرة عرض الحيوانات المتبقية للتبني ، مقابل مبلغ زهيد قدره جنيه واحد ، يدفع كل شهر على أن تقوم المنظمة بإبلاغ المساهم بتطورات حماية الحيوانات التي اختارها .أنا وناعومي والصيادون :
واخترت أنا ناعومي ، لأنها كانت الأصغر والألطف إضافة إلى أنها كانت يتيمة ، كما أنني كنت ناقماً على الاجرام الذي يمارسه الصيادون على وحيد القرن ، لقد أفرط الصيادون بقتل وحيد القرن بسبب الطمع والخرافة ، فهم يقتلون هذه الحيوانات الكبيرة لأجل الحصول على قرونها ، وبيع القرن الواحد منها بأموال طائلة لأصحاب متاجر الأدوية التقليدية في تايلاند وهونج كونج ..وحيد القرن والخرافات :
وهناك يحولون القرن إلى مسحوق ، يبيعون القليل منه بأثمان باهظة ، للذين يعتقدون أن مسحوق القرن يمنحهم قوة وصحة الحيوان الضخم ، سلسلة من الطماعين يتحولون دون القانون الذي يحرم الصيد الجائر ، والضحية هي وحيد القرن ، الذي يحاول أنصار البيئة حمايته من الانقراض .تطور نمو ناعومي :
كانت تنتابني مشاعر لطيفة مع كل خطاب يأتيني من كينيا ، وينقل لي آخر أخبار ناعومي ، في البداية أخبروني انها ترضع الحليب من ببرونة ، مثل أطفال البشر ، ثم كبرت وصارت تأكل العشب وحدها ، وتسبح في النهر في الأيام الحارة ، بعد ذلك لاحظوا أنها كانت فضولية ، تتسلل بعيداً عن أعين حراس الغابة والأطباء البيطريين ، لتشاهد الحيوانات الأخرى عند أطراف المحمية ، وكانوا خائفين عليها ، لأنها لم يكن لها أم تعلمها الحذر من الحيوانات المفترسة .وتستمر الحياة :
وأخيراً ، كادت تموت بين فكي نمر ، اقتربت منه وهي تظن أنه كائن ملون كبير ظريف ، نجت ناعومي من الموت بأعجوبة ، وهي الآن تكبر ، وربما قريباً تصير أماً ، وتنجب وحيد قرن صغيراً جميلاً ترعاه وتعلمه كيف يحمي حياته في الغابة ، ولعلها لا تتعرض لطلقة غادرة من صياد طماع مثلما حدث لأمها ..