على غير عادتي استيقظت مبكرًا ، وبعد أن اغتسلت وارتديت ملابس المدرسة ؛ جلست لأتناول وجبة الإفطار ، وهمهمت أمي حينما كانت تضع كوب الحليب أمامي قائلة بنبرة سعادة : “هيه.. لقد كبر حسوني” ، فارتشفت بعض الحليب ، ثم قلت لأمي :”لقد جاءتنا معلمة جديدة البارحة”.نظرت إليّ أمي ؛ فتحدثت إليها في هذه اللحظة وأنا مشغول بالطعام :”قبلّتني المعلمة حينما قلت لها أنت تشبهين أختي رباب التي تزوجت وذهبت إلى البصرة مع زوجها” ، حينها ابتسمت ماما قائلة :”لابد أن هذه المعلمة جميلة مثل أختك رباب” ، فنظرت إليها دون أن أتحدث ، ثم نهضت وحملت حقيبتي قائلًا :”حان وقت المدرسة ، ولابد أن أذهب الآن”.قامت أمي بمتابعتي حتى الباب الخارجي ، وقد قالت لي :”انتبه يا عزيزي حينما تسير في طريقك ، وإذا سمعت صوت طلقات ؛ عليك أن تختبئ في أقرب مكان لك يكون آمنًا” ، فمضيت وأنا أشعر بالقلق ، حيث أن طلقات الرصاص والإنفجارات وحتى الاختطاف قد زاد هذه الأيام ، فحثثت خطواتي حين لاحت المدرسة التي كان يدخلها عشرات التلاميذ تباعًا.سمعت من بعيد أصوات مرتفعة لزخات من الرصاص ، تلك الأصوات التي لم تتوقف ، حتى بعد أن أسرعت وتمكنت من دخول المدرسة ، ثم دقّ الجرس ، فدخلت الصف وأنا اشعر باللهفة ، حيث أنه الدرس الأول من المعلمة الجديدة التي تشبه أختي رباب والتي ستأتي بعد وقت قليل ، ولكن جاءتنا بعد حين مديرة المدرسة بدلًا من المعلمة الجديدة .قامت مديرة المدرسة بالتطلع إلينا بعينين مليئتين بالحزن العميق ، ثم تحدثت بصوت مختنق بالدموع قائلة :” يؤسفني يا أبنائي أن أخبركم بأن المعلمة الجديدة لن تأتي..” ، لم يسأل أي أحد منا عما حدث أو ما هو الذي جرى ، ولكن المعلمة الجديدة بالفعل لم تأت ، وأدركت فيما بعد أنها لن تأتي كما قالت لنا المديرة ، نعم أدركت أن المعلمة الجديدة لن تأتي أبدًا .القصة من أدب الأطفال العربي لكاتبها : طلال حسن