لم يبعث الله برسول بقدر هائل من المعجزات كما بعث شفيع الأمة وكاشف الغمة سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم ، فالقرآن الكريم ليس معجزته الوحيدة كما يظن البعض ، فهناك الكثير والكثير من المعجزات أنه خرج من بيته يوم نام علي دون أن تراه عيون المتربصين لقتله ، اختفاءه بالغار ونسج العنكبوت وبيض الحمامة ، نزول الوحي ، وغيرها الكثير والكثير من المعجزات.ولعل من أعجبها هي قصة الذئب الذي أنطقه الله فشهد بنبوة محمد صلّ الله عليه وسلم ، والذئب ليس الحيوان الوحيد الذي كرمه الله بسير الأنبياء ومعجزاتهم ، فالهدد ذكر مع سيدنا سليمان ، والنمل أيضًا ، كما ذكر الشاة مع سيدنا إبراهيم وولده الذبيح إسماعيل رضي الله عنهما ، والناقة لسيدنا صالح رضي الله عنه ، والبقرة مع سيدنا موسى ، والكثير من الحيوانات التي كرمها الله حتى الحمار صحب سيدنا عزير في صحوة ومنامه.ويحكي أن راع قوي اسمه أهان بن أوس خرج يرعى بغنمه في الصحراء ، وكان الرجل يهودي من أصحاب الكتاب ، وإذا بذئب يعدو خلف غنمه ويختطف منها واحده ، فجرى خلفه الراعي حتى اختطفهما منه ، فنظر له الذئب حانقا وجلس على ذنبه مفترشًا الأرض ، وفجأة نطق بصوت البشر قائلًا : لماذا تختطف مني رزقًا كتبه الله لي ؟فتعجب الراعي مما رأى وسمع ! ذئب ينطق بكلام البشر ، وظل ينظر للذئب حتى فطن أنه يود لو نطق ثانية حتى يتيقن مما قال ، فقال له الذئب : ألا أخبرك بأعجب من كلامي هناك نبي يدعى محمد في يثرب يخبر الناس بما حدث في السابق ، وما سيحدث بعد حين ، وإنه لهو الصادق الأمين.وبعدها انطلق الذئب يبحث عن رزقه في مكان أخر ، وترك الراعي مذهولًا مما سمع ، ولما عاد إلى المدينة ذهب إلى الرسول الله وأخبره بما حدث ، فجمع الرسول القوم وقال له : قص عليهم ما قلت ، فتعجب القوم وقال الرسول : والله لقد صدق ، فأسلم الراعي وأسلم معه كثيرون بعد ما سمعوا.وتقول الرواية فيما رواه أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال : (عدا الذئب على شاةٍ فأخذها ، فطلبه الراعي ، فانتزعها منه ، فأقعَى (جلس مفترشاً رجليه) الذئب على ذَنَبِه ، وقال : ألا تتقي الله ؟ تنزع مني رزقًا ساقه الله إليَّ ؟ فقال : يا عجبي ! مُقْعٍ على ذَنَبِه يكلمني بكلام الإنس ؟ فقال الذئبُ : ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟محمدٌ صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق ، قال : فأقبل الراعي يسوقُ غنمه حتى دخل المدينة ، فزواها إلى زاوية من زواياها ، ثم أتى رسول الله فأخبره ، فأمر رسول الله فنودي : الصلاة جامعة ، ثم خرج ، فقال للراعي : أخبرهم ، فأخبرهم ، فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : صدق ، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى تكلِّم السِّبَاعُ الْإِنْسَ ، ويكلم الرَّجُلَ عَذَبَةُ (طرف) سَوْطِه وشِرَاكُ (سير) نعْلِه ، ويخبره فخِذه بما أحدث أهلهُ بعده) رواه أحمد وصححه الألباني.