لصحابة النبي الكرام ، رضي الله عنهم جميعًا ، قصصًا ثرية وذاخرة ببطولات ، وجراح تدمي القلوب ، تأثرًا بها حيث سعوا جميعًا ، إلى الشهادة ونصرة الإسلام وكلمة الحق ، فلم يتركوا ساحة المعركة ، سوى بعد القضاء على أعداء الله عزوجل ، والصحابي أبو عقيل عبدالرحمن بن ثعلبة ، كان أحد هؤلاء ، الذين قدموا أرواحهم لنصرة الإسلام ، ونصرة الله ورسوله صل الله عليه وسلم .اشتهر الصحابي أبو عقيل عبدالرحمن بن ثعلبة ، بعبد العزي في الجاهلية ، قبل أن يدخل إلى الإسلام ، ويسميه النبي عبدالرحمن ، وكان أحد أهم مقاتلي غزوة بدر ، فعُرف عنه أنه كان بدريًا ، وشارك أيضًا في غزوتي ، أُحد والخندق حيث كان كاتبًا إبان غزوة الخندق ، ومن أهم المعارك الإسلامية التي خاضها أبو عقيل .كانت موقعة اليمامة ، والتي ضرب فيها مثالاً رائعًا للبطل المغوار ، ذلك أن المسلمين قد شعروا بأن للكفار عليهم غلبة ، في تلك المعركة إلا أن أبو عقيل قد أصر ، على استكمال ما بدأه في ساعة القتال ، وأخذ يقاتل الكفار على الرغم من جروحه الكثيرة ، لينال الشهادة في سبيل الله ، وقال عنه عمر بن الخطاب رضي الله ، عندما علم بخبر استشهاده أنه كان من خيرة صحابة الرسول ، صل الله عليه وسلم ، وكان من أوائل من دخلوا إلى الإسلام .موقعة اليمامة :
وعن بطولة عبدالرحمن بن ثعلبة ، في معركة اليمامة ، روى بن الجوزي عن جعفر بن عبدالله بن أسلم ، أنه في يوم اليمامة اصطف المسلمون جميعًا ، لمحاربة الكفار ، فكان أول من أصيب من بينهم ، هو أبو عقيل عبدالرحمن بن ثعلبة ، حيث أصابه سهم بين منكبيه ، في موضع غير قاتل إلى جوار قلبه ، ولكنه استكمل المعركة رغم وهنه ، منذ أول النهار حيث جر نفسه وهو جريح ، فلما اشتد القتال وانهزم المسلمون ، سمع بن عقيل بن معن وهو يصيح بهم ، ألا يتراجعوا ولو أتوا زاحفين .هنا سمعه بن عقيل ، فنهض من رقدته وهو ينزف بشدة ، ويبدو عليه الوهن ولكنه استفاق وشد صلبه ، فسأله عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، عما يريد من تلك النهضة ، فهو لن يتحمل القتال أكثر من ذلك ، فأجابه بن عقيل أنه قد نادى على اسمه ، فقال له أنه قد قال الأنصار وليس الجرحى ، فأجابه بن عقيل قائلاً ، قال الأنصار وقلت ولو حبوا جميعًا .فقام أبو عقيل وتحزّم ، ثم أمسك سيفه بيمناه وظل ينادي على المسلمين ، في ساحة المعركة بأن يجتمعوا ، وطلب منهم أن يقاتلوا كما قاتلوا في يوم حنين من قبل ، فبدأ المسلمون يتقدمون بالفعل ، ثم استتروا من أعدائهم ، حتى أتى الكفار إلى الحديقة ، التي تخفى بها المسلمون ، فاختلطوا داخلها مع المسلمين ، لتختلف السيوف فيما بينهم .الإصابة ثم الشهادة في سبيل الله :
روى بن عمر أنه خلال المعركة ، رأى بن عقيل الجريح ، وقد سقطت يده تمامًا من المنكب على الأرض ، وإذا بجسده يحمل أكثر من أربعة عشر جرحًا ، حيث قاتل في سبيلها بن عقيل ، ليردي عدو الله مسيلمة قتيلاً ، على أرض المعركة ، ليقف بن عمر إلى جواره وهو يحتضر ، ويناديه يا أبا عقيل ، ليأتيه صوته ضعيفًا متلعثمًا يقول ، لبيك ويقول مبتسمًا ، أبشر لقد قُتل عدو الله ، ثم حمد الله رافعًا أصعبه ، وصعدت روحه إلى بارئها .